كتبت رينه أبي نادر في موقع mtv:
جاهرت إيران، في السّنوات الأخيرة، بسيطرتها على أربع عواصم عربيّة، من بينها لبنان وسوريا، لكن، يبدو أنّ هذه المُعادلة سقطَت، في ضوء ما تشهده منطقة الشّرق الأوسط من تطوّرات مُتسارعة، وليس آخرها، سوى فرار بشّار الأسد وسقوط نظامه، بعد سيطرة المعارضة المسلّحة، وتأثير ذلك على إمداد “حزب الله” بالأسلحة، لا سيّما أنّ نظام الأسد سهّل عمليّة نقل الأسلحة لـ”الحزب”. وفي هذا الإطار، تُطرَح تساؤلات عدّة: لماذا تخلّت إيران عن حليفها الأساسيّ بشّار الأسد؟ وهل بات “حزب الله” في وضع حرج؟
يعتبر الخبير العسكريّ والاستراتيجيّ العميد المتقاعد ناجي ملاعب أنّ “إيران لم تتخلَّ عن بشّار الأسد، بل روسيا هي من تخلّت عنه”.
ويقول، في حديث لموقع mtv: “عام 2015، فشلت إيران في حفظ النّظام السّوريّ أمام تقدّم المعارضة، حيث سيطرت الأخيرة على 80 في المئة من الأراضي السّوريّة، منها حلب، فاستنجد قائد فيلق القدس السّابق قاسم سليماني، آنذاك، بروسيا، التي استقدمت قوّات لها إلى سوريا، فكان هناك اتّفاقات “مناطق خفض التّوتّر”، حيث انسحبت المعارضة المسلّحة من كلّ منطقة سيطرت عليها، بالاتّفاق بين تركيا وروسيا، ونُقِلَ عناصرها إلى إدلب، لتحلّ محلّها مجموعة من الرّوس”.
ويلفت ملاعب، إلى أنّ “القوّات الإيرانيّة ساندت الجيش السّوريّ”، مُشيراً إلى أنّ “القرار في سوريا كان بيد روسيا ولم يكُن بيد الإيرانيّين”.
من جهة أخرى، يرى ملاعب أنّ “وقف إطلاق النّار في لبنان لم يكفِ إسرائيل لجهة رغبتها بقطع طريق إمداد “حزب الله” بالأسلحة، لذلك، ما يحصل في سوريا يأتي استكمالاً لما حصل في جنوب لبنان، من خلال قطع طريق حزب الله”، مُعتبراً أنّ “هناك تنسيقاً بين أميركا وإسرائيل وتركيا لدعم المعارضة وتجهيزها، بهدف تغيير المعادلة في سوريا”.
كيف تخلّى الرّوس عن سوريا؟ يوضح ملاعب، أنّ “الحرب الأوكرانيّة أثّرت كثيراً على قرار روسيا، فهي بدأت تستعين بجنود من كوريا الشّماليّة، وبأسلحة ومسيّرات من إيران، أي أنّ الحرب في أوكرانيا لم تنتهِ، وبالتّالي، فإنّ وضع روسيا في سوريا بدأ يضعف، ولم تَعُد هناك في قاعدة حميميم سوى 12 مقاتلة فقط، وأُخرِج الأسطول الرّوسيّ من طرطوس قبل عمليّة المعارضة المسلّحة الأخيرة، والرّوس المتمركزون بين مناطق الأكراد التي تُسيطر عليها “قوّات سوريا الدّيمقراطيّة” والحدود التّركيّة سُحِبوا قبل عمليّة المعارضة أيضاً”.
ويُضيف: “إذاً، كانت هناك مؤشّرات عدّة على التّخلّي الرّوسيّ عن الأسد، والدّليل الأكبر اتّصال رئيس الأركان الرّوسيّ بنظيره الأميركيّ، قبل العمليّة التي شنّتها المعارضة المسلّحة، وهذا ما يُثبت أنّ هناك شيئاً ما حصل تُرجم في الدّاخل السّوريّ بعدم تدخّل الجيش السّوريّ وعدم إعاقة وضرب المعارضة المسلّحة التي تقدّمت بسرعة ودخلت العاصمة دمشق”.
ويُتابع: “يبدو أنّه كان هناك تفاهم أميركيّ – روسيّ بشأن مستقبل سوريا ومن دفع الثّمن هي إيران، ولم يَعُد هناك طريق لإمداد “حزب الله” بالأسلحة عبر سوريا، إذ سيطرت “قوّات سوريا الدّيمقراطيّة”، ذات النّفوذ الأميركيّ، على معبر البوكمال، وألزم تقاعس الجيش السّوريّ عن القتال عناصر “الحزب” في حمص والقصير على العودة والخروج من سوريا”، مُشيراً إلى أنّه “باختصار، يبدو أنّه لن يكون هناك دعم لـ”حزب الله” من سوريا ولن يكون له حضور فيها مستقبلاً”.
ويختم ملاعب، مُعتبراً أنّ “حزب الله أصبح في وضع حرج، إذ فقدَ الإمداد بشكل واضح، وفقدَ قيادات سياسيّة وعسكريّة وفقدَ مقاتلين على الجبهة”، لافتاً إلى أنّ “مع الاحتضان العربيّ لمرحلة إعادة الإعمار في لبنان، تحت إشراف حكومة خارجة عن هيمنة “حزب الله”، سيُصبح وضع “الحزب” ضعيفاً، ولن يستطيع التّحكّم بمصير لبنان، كما في السّابق”.