كتب/ داني حداد في موقع mtv:
تنتظر البلدَ ساعاتٌ مفصليّة، بعد يومٍ مرّ عصيباً على لبنانيّين كثيرين أمس، مع كثافة الغارات الإسرائيليّة التي توسّعت دائرتها لتستهدف مناطق جديدة، بالإضافة الى تنفيذ عمليّتَي اغتيال في العاصمة.
ومن المؤكّد أنّ التصعيد الإسرائيلي يرتبط بشكلٍ مباشر بانتظار ردّ حزب الله على الورقة الأميركيّة، وهو ما حصل فعلاً مساء أمس، مع تسريب معلوماتٍ مصدرها واشنطن عن موافقة لبنانيّة على مضمون الورقة.
وأكّد مصدرٌ أميركي لـ mtv أنّ الردّ اللبناني كان إيجابيّاً، الأمر الذي دفع الموفد الأميركي آموس هوكستين الى اتّخاذ قرارٍ بالتوجّه الى لبنان قبل منتصف الأسبوع، على الأرجح. إلا أنّ اكتمال المشهد ينتظر الموقف الإسرائيلي في ظلّ توجّهٍ واضح لدى حكومة بنيامين نتنياهو لفرض شروطٍ تعجيزيّة على لبنان، وتحديداً على حزب الله.
وأشار المصدر الأميركي الى أنّ محاولة هوكستين للتوصّل الى وقفٍ لإطلاق النار ستكون الأخيرة، وإن واجهت الفشل قد لا تكون هناك محاولة أخرى قبل انطلاق ولاية الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب.
ويبدو واضحاً، وفق مصادر تابعت حركة الاتصالات السياسيّة الداخليّة، أنّ حزب الله تراجع كثيراً عن السقف الذي حدّده سابقاً، إذ كان أعلن مراراً أنّه ليس في وارد التفاوض تحت النار، وعاد عن شرطه. كما أعلن أيضاً، خصوصاً عبر أمينه العام الجديد، أنّ فصل الجبهات غير وارد، ثمّ رضخ لاحقاً.
ولا بدّ من التذكير هنا بما أعلنه الشيخ نعيم قاسم في إطلالته في ٦ تشرين الثاني الجاري، إذ قال: “ولّى زمن الهزائم وجاء زمن الانتصارات”، بينما ارتفعت وتيرة الاستهدافات الإسرائيليّة منذ ذلك الحين وتوسّع العدوان البرّي واستشهد المئات ووافق حزب الله على ما كان يعتبر القبولَ به خيانةً، فأيّ انتصار هو هذا الذي يعِدُ به الشيخ نعيم؟
ومن المؤكّد أنّ هذه التطوّرات ألقت بثقلها على كاهل رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي نقل عنه زوّاره أنّه كان متجهّم الوجه، وهو يدرك تماماً حجم الخسائر التي تكبّدها لبنان جرّاء الحرب، من خلال ما سُمّي “جبهة إسناد” انتهت بتدمير عشرات آلاف الوحدات السكنيّة وقتل الآلاف ونزوح مئات الآلاف، بالإضافة الى الخسائر الاقتصاديّة الضخمة، في وقتٍ أخلّ حزب الله بوعوده العسكريّة والماليّة كافّةً، وهو وافق على ورقة أميركيّة ستشكّل، عند التنفيذ، إعلاناً رسميّاً لاستسلامه. أمّا إذا لم يوافق نتنياهو على الورقة، فسيكون “الحزب” مضطرّاً للقبول بما هو أسوأ، بعد أشهر.
وبعد، ما هي التبريرات التي سنسمعها ممّن تبقّى من قياديّي حزب الله ونوّابه؟ وماذا سيقول لنا بعض من يدورون في فلكه ممّن يرفعون الأصابع تهديداً، منذ أسابيع، وهؤلاء معروفون، بأسمائهم وسخافاتهم؟ ومن سيتعهّد بإعمار ما تهدّم؟ ومن سيعوّض عمّن خسروا أرواحاً وأرزاقاً، خصوصاً من لا يرغب من بينهم بتقديمها “فدا حدا”؟ وماذا ستعلن إيران التي كانت تتوعّد بإزالة إسرائيل من الوجود؟
وختاماً: إذا كان زمن الانتصارات هو على هذا الشكل، فكيف سيكون زمن الهزائم يا شيخ نعيم؟