مقالات

قطر القاسم المشترك والرقم الأساسى فى المعادلة الدولية

كتب : وائل عباس
يستغرب الكثير من المتابعين للأحداث العالمية كيف أصبحت قطر هى أحد المفاتيح الأساسية لحل الصراعات الكبرى فى الشرق الأوسط ؛ بل ولا نبالغ إذ قلنا إنها تكاد أن تكون قاسم أساسى فى حل بعض تلك الأزمات .
ومما يدعوا إلى الدهشة كيف لهذه الدولة العربية الخليجية الصغيرة من حيث المساحة والتعداد السكانى أن يكون لها هذا الدور المؤثر والفعال ؛ وكيف فرضت نفوذها رغم عدم أمتلاكها لقوة عسكرية أو نووية تؤهلها لهذه الصدارة .
ولكن :
حل المعادلة يكمن في عدة أحداث ؛ كانت بدايتها عندما قامت المملكة العربية السعودية بعد حرب الخليج بمطالبة القوات الأمريكية المتمركزة بقاعدة الأمير ” سلطان بن عبدالعزيز ” بالرحيل على أثر أزمة سعودية أمريكية تسبب فيها السفير الأمريكي بالمملكة أنذاك ؛ وذلك بعد لقاءه بالراحل الملك ” فهد بن عبدالعزيز ” والذى قام بطرده وأصر على عدم بقاءه تلك الليلة بالرياض ؛ وبالفعل تم ترحيل السفير الأمريكي وأبلغت الأدارة الأمريكية بأوامر الملك بمغادرة القوات الأمريكية الأراضي السعودية ؛ فقامت الأدارة الأمريكية بأرسال قواتها إلى قطر بعد أن طلبت منها تجهيز قاعدة ” العيديد ” لتصبح أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الخليج ؛ وبالتالى نالت قطر كل الرضا والدعم من الأدارات الأمريكية وخاصة إدارات الحزب الديموقراطي ؛ وأهلت قطر نفسها بدعم من المخابرات الأمريكية . أن تكون هى حلقة الوصل والوسيط الأساسى بين الولايات المتحدة الأمريكية وأعدائها فى المنطقة كأيران على سبيل المثال ؛ كما قامت قطر بلم شتات قادة الأخوان والمعارضين السياسيين لنظم الحكم في بعض البلاد العربية وخاصة في مصر ووفرت لهم ملاذ آمن وأغدقت عليهم الأموال ؛ ودعمتهم عسكريا ولوچيستيا لإسقاط أنظمة الحكم ومساندة أنظمة حكم موالية للمخابرات الأمريكية ؛ كما أستقطبت قادة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية الجهادية لتسيطر على ملف القضية الفلسطينية وتسحبه من تحت أيادى المخابرات المصرية والتى ظلت مسيطرة عليه لعدة عقود ؛ إلى أن نجح الجهاز المصرى فى فرض نفسه مرة أخرى على مسرح الأحداث ؛ وبذلك أصبحت رقما أساسيا في مفاوضات أكبر قضية إنسانية تشغل العالم أجمع .
أضف إلى ذاكرتك الحرب الأفغانية والتى قامت قناة ” الجزيرة القطرية ” بلعب دور الوسيط بين قادة حركة طالبان وقيادات تنظيم القاعدة والمخابرات الأمريكية ؛ والتى دعموا فيها تنظيم القاعدة بقيادة بن لادن آنذاك لضرب أبراج التجارة العالمية لأثارة الذعر بين المواطنين الأمريكان ؛ وحشد الناخب الأمريكي لمرشحى الحزب الديموقراطي الذى قام بالحرب المزعومة على الأرهاب .
كما قامت قطر بتجنيد المتطرفين والمتشددين سواء في العالم العربي أو الدول الإسلامية مما نتج عنه ولادة تنظيم داعش الذى استخدمته الأدارة الأمريكية كفزاعة فى المنطقة العربية .
وعندما بدأت قطر فى محاولة التدخل في الشؤون الداخلية السعودية ؛ تزعمت المملكة حصارا أشتركت فيه الإمارات والبحرين ومصر ؛ كادت فيه قطر أن تلفظ أنفاسها لولا أن قرر ولى العهد السعودي استقطاب النظام القطرى وأعادته إلى صف المصلحة الخليجية وذلك بعد قمة ” العلا ” والتى جمعت الأمير ” تميم ” بولى العهد السعودي .
ويجب هنا أن ننوه على ذكاء الأدارة القطرية والتى أستخدمت مواردها الطبيعية كالغاز والتى تعتبر قطر على قمة الهرم العالمى فى إنتاج وتصدير الغاز ؛ وخاصة بعد الحرب الروسية وفرض الحظر على الغاز الروسى وحلول الغاز القطرى كأحد البدائل الأساسية للدول الأوروبية ؛ كما قامت قطر بأستثمارات هائلة في كبرى الدول الأوروبية كأنجلترا وفرنسا والتى تصل أستثمارات قطر فى كلا البلدين ما يقارب من ٩٠ مليار دولار ؛ وبذلك تستطيع قطر أن تتحكم وتسيطر على قرارات بعض الأحزاب هناك إذا قامت قطر بدعم تلك الأحزاب فى أى أنتخابات رئاسية اوبرلمانية ؛ مما جعل الدولة القطرية مطبخ عالمى لفرض السياسات والرؤى سواء القطرية أو الأمريكية التى تصب في مصلحة بيت الحكم القطرى .
لا شك أن قطر تحركت بذكاء وأستغلت مواردها الأستغلال الأمثل ؛ والذى حولها لدولة محورية صاحبة رأى ووساطة مع كل الأطراف .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock