روما/ وكالة نوفا
شددت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، اليوم الأربعاء، على أن أوروبا “لابد أن تسلك اتجاهاً مختلفاً”، ولا سيما في ضوء امتناع شريحة عريضة من المواطنين الأوروبيين عن التصويت في الانتخابات الأوروبية التي جرت في وقت سابق من الشهر الجاري، حسبما ذكرت وكالة نوفا الإيطالية للأنباء.
وجاءت تصريحات ميلوني في بيان أمام مجلس النواب الإيطالي قبيل انعقاد أول مجلس أوروبي للهيئة التشريعية الجديدة بعد الانتخابات غدا وبعد غدٍ، حيث قالت ميلوني: “يجب أن نستخلص بعض المؤشرات المهمة”، والتي بموجبها “دعمت جميع القوى الحاجة إلى سياسات أوروبية: لم يقدم أحد نفسه قائلاً إن أوروبا بخير كما كانت أو أنه من الجيد الحفاظ على الوضع الراهن. اتفق الجميع على نقطة واحدة: يجب على أوروبا أن تسلك اتجاهاً مختلفاً عما اتخذته حتى الآن”.
“إخفاء الغبار تحت السجادة”
وقالت ميلوني إن “الامتناع عن التصويت ظاهرة أثرت على دول مختلفة في جميع أنحاء القارة ولا يمكن أن تترك غير مبالية، خاصة تلك القوى الأوروبية التي يبدو أنها تريد إخفاء الغبار تحت السجادة”، لافتة إلى أنه يبدو أن بعض القوى تريد “رفض فهم الإشارات الواضحة الصادرة عن أولئك الذين صوتوا والذين قرروا عدم التصويت”.
وأعلنت رئيسة الوزراء أن السلام الذي تم تحقيقه في القارة الأوروبية ليس أمرا مسلما به، وهذا ما يظهر من خلال ما يحدث خارج حدود الاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن “السلام يضمن النمو والتنمية”.
وعلى مر السنين، ظلت أوروبا تنظر إلى الداخل دون أن تدرك ما يحدث خارج حدودها، بحسب رئيسة الوزراء، التي أشارت إلى أن “السيناريو قد تغير، لكن الاتحاد الأوروبي لم يكيف استراتيجيته، وهكذا سادت خلال هذه السنوات الطويلة رؤية المركزية الأوروبية، كما لو أن خيارات الآخرين يجب أن تعتمد على خياراتنا”.
الاتحاد الأوروبي تحول “عملاق بيروقراطي”
ونقلت “نوفا” عن ميلوني قولها: إن الاتحاد الأوروبي تحول “إلى نوع من العملاق البيروقراطي” غارق في “الخيارات الأيديولوجية” التي حددت “المسافة القائمة اليوم بين المواطنين ومؤسسات المجتمع”، لافتة إلى أن “التصور هو أن الاتحاد عدواني للغاية، في الجوانب التي تتعلق بالحياة اليومية” و”بدلاً من ذلك، يظل أضعف في قدرته على التأثير على السيناريوهات العالمية، ما يؤدي إلى جعل نفسها عرضة بشكل متزايد للصدمات الخارجية”.
مهمة صعبة
ونبهت ميلوني إلى أن أوروبا تواجه اليوم مهمة صعبة للغاية وهي “إعادة التفكير في أولوياتها وإعادة اكتشاف دورها في التاريخ”، لافتة إلى “إن الرد على هذا التراجع يكمن في بذل جهد أقل والقيام بذلك بشكل أفضل، مع التركيز على تلك الاحتياجات التي لا تستطيع الدول القومية العمل على تلبيتها بمفردها.”
وشددت على أنه “يجب على الاتحاد الأوروبي زيادة استقلاله الاستراتيجي من خلال تقليل تبعياته”، مضيفة: “أولاً، أظهر الوباء ثم الحرب في أوكرانيا” مدى الخطأ الذي ارتكبه الاتحاد الأوروبي في ترك “السيطرة على سلاسل القيمة للآخرين”، و”وجدت أوروبا نفسها معرضة تمامًا لأحداث لا يمكنها السيطرة عليها”.
أجندة استراتيجية
وسوف تصر إيطاليا في المجلس الأوروبي على اعتماد الأجندة الاستراتيجية، حيث قالت رئيسة الوزراء إن “إيطاليا أصرت على ظهور مبدأين رئيسيين في ديباجة جدول الأعمال”، مبدأ “التبعية” ومبدأ “التناسب”، و”هذا يعني أنه سيتعين على أوروبا التركيز على القضايا الاستراتيجية الكبرى، على تلك المواضيع والتحديات التي من الضروري توحيد الجهود فيها وتجنب التعامل مع تلك القطاعات التي يمكن للدول الوطنية أن تحقق فيها نتائج أفضل بفضل قربها من المواطنين”.
كما شددت ميلوني على أنه من الضروري أن يزود الاتحاد الأوروبي نفسه بالأدوات اللازمة لدعم الاستثمارات المطلوب منه القيام بها وتحفيز الاستثمارات الخاصة الموجهة نحو أسواق أكثر جرأة، مضيفة: “طبقوا الطريقة التي تطبقها هذه الحكومة في إيطاليا: لا تزعجوا من يريد أن يفعل ذلك”.
التخلص من البيروقراطية
وأشارت رئيسة الوزراء إلى أن الرئيس الجديد للمفوضية الأوروبية يجب أن يفكر في “إيفاد وفد خاص للتخلص من البيروقراطية. ومن الضروري أيضًا أن يضع الاتحاد الأوروبي استراتيجية تحمي الشركات وتجعلها تنمو وتحمي التميز، السوق لا تكون حرة إلا إذا كانت عادلة”.
نموذج للتعاون مع أفريقيا
أعلنت رئيسة الوزراء أن “أول حق يجب ضمانه هو عدم الاضطرار إلى الهجرة، وهذا ينطوي على بناء نموذج جديد للتعاون مع الدول الأفريقية”، مشيرة إلى أن “هذا النهج موجود في الأجندة الاستراتيجية للاتحاد الأوروبي والتي ضربت إيطاليا المثل عليها من خلال خطة ماتي لأفريقيا”.
وتابعت ميلوني: “الحكومات الإفريقية تطلب منا استثمارات ومشاريع ملموسة وليس التسول. إن الأفارقة لا يطالبون بأعمالنا الخيرية، بل بتنفيذ مشاريع مشتركة معًا، ولا يوجد شيء أكثر واقعية من الاستثمار في البنية التحتية والطاقة”.
وأوضحت أن إيطاليا تتمتع بميزة تتمثل في موقعها كمنصة طبيعية في البحر الأبيض المتوسط، مما يمكن أن يسمح لها بأن تكون “مركزا للإمدادات”. وقالت ميلوني، مستشهدة مشروعي إلميد وH2South، “جسر بين شرق البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا وأوروبا”.
بالنسبة لميلوني، فإن المبدأ الذي يجب التأكيد عليه هو “أنك تدخل إيطاليا وأوروبا بشكل قانوني” وهذا يعني أن التدفقات “يجب أن تتم إدارتها من قبل المؤسسات وليس من قبل المهربين. لقد خططت إيطاليا لحوالي 2023 ألف إدخال منتظم في الفترة 25-450 لتلبية احتياجات نظام الإنتاج لدينا”.
ولفتت إلى أن الجريمة المنظمة اخترقت إجراءات إدارة تصاريح الإقامة لأغراض العمل “ولهذا السبب تقدمت بشكوى إلى النيابة الوطنية لمكافحة المافيا وأعلنت عن تغييرات في القانون المنظم للأمر”، مشددة: “لن نسمح للمافيا بإدارة الدخول إلى إيطاليا، كما أعتقد أنهم كانوا يفعلون منذ بعض الوقت، وأنا مندهش أنه لم يلاحظ ذلك أحد قبلنا”.
وقالت ميلوني: “لم تعد أوروبا، مهد الحضارة الغربية، قادرة على تحمل التسامح مع جريمة عالمية مثل العبودية بأشكال أخرى”. وأضافت: “لكن الهجرة الجماعية غير النظامية لن تتوقف دون إشراك بلدان المنشأ والعبور في المعركة، كما حدث بالفعل مع تونس ومصر”.