وقال النائب الديمقراطي ستيفن هورسفورد لممثل التجارة الأمريكي جيميسون غرير خلال جلسة استماع كانت جارية في مبنى الكابيتول هيل عندما أعلن ترامب قراره: “يبدو أن رئيسك سحب البساط من تحت قدميك وأوقف الرسوم الجمركية مؤقتًا”.
وأصر بيسنت ومسؤولون آخرون على أن قرار تعليق الرسوم الجمركية الجديدة على جميع الدول باستثناء الصين لم يكن تراجعًا؛ بل اعتبروا هذه الخطوة جزءًا لا يتجزأ من خطة ترامب الشاملة لجلب الدول إلى طاولة المفاوضات.
قلق بشأن بيع السندات
وأمضى الفريق الاقتصادي لإدارة ترامب صباح الأربعاء في التركيز بشكل مكثف على بيع السندات الذي اشتد في اليوم السابق وتسارع بشكل حاد خلال الليل، مما دفع العائدات إلى الارتفاع، وأظهر في الواقع عكس ما يحدث عادةً خلال هذه الفترة غير المستقرة والمتقلبة في الاقتصاد العالمي.
وتاريخيًا، ترتفع سندات الخزانة الأمريكية في أوقات بيع الأسهم، حيث يسارع المستثمرون إلى تحويل أصولهم إلى ملاذ آمن عالمي، وهي مكانة راسخة منذ فترة طويلة بفضل الأمان والسيولة التي توفرها السوق الأمريكية.
إن مشاهدة تطور الوضع بشكل معاكس، ثم تسارعه بعد ضعف الطلب غير المتوقع في أول مزاد لوزارة الخزانة منذ إعلان ترامب عن نظامه الجمركي، قد أثار قلقًا متزايدًا، حتى مع وصف بيسنت له بأنه “غير مريح، ولكنه طبيعي” في مقابلة تلفزيونية صباح الأربعاء.
ولكن بالنسبة لبيسنت، الذي ارتبطت مسيرته المالية ارتباطًا وثيقًا بسوق السندات، والذي ركز على خفض عوائد السندات لأجل 10 سنوات خلال فترة توليه منصبه الوزاري، فقد كان القلق الذي نقله كبار مسؤولي الخزانة مفهومًا، وانعكس في المحادثة اللاحقة مع ترامب.
وقد رأى الرئيس الأمريكي، الذي يتابع عن كثب القنوات التلفزيونية، حتى بعض حلفائه المقربين يصدرون تحذيرات شديدة بشأن احتمالات الركود الاقتصادي نتيجةً للرسوم الجمركية.
وكان يشاهد قناة فوكس بيزنس صباح الأربعاء عندما قال جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك جي بي مورغان تشيس، إن الركود “نتيجة محتملة” لحرب تجارية متصاعدة ناجمة عن سياسات ترامب الجمركية.
وأضاف ديمون: “الأسواق ليست دائمًا على صواب، لكنها أحيانًا تكون على صواب“.
وداخل البيت الأبيض، كانت الاتصالات الهاتفية تتوالى بسرعة من مسؤولي الأعمال والجمهوريين وحلفاء آخرين للرئيس يحثونه على إعادة النظر في رسومه الجمركية، لكنهم لم يتلقوا أي مؤشرات تُذكر على وجود أي تهدئة.
واستعمل المسؤولون التنفيذيون خطوط هواتف رئيسة الموظفين في البيت الأبيض سوزي وايلز، ونائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الخزانة، لعرض القضية على ترامب مباشرةً، بينما واصل صقور التجارة الترويج لنهج ترامب المتمثل في فرض الرسوم الجمركية بأي ثمن على شاشات التلفزيون مع استمرار هبوط السوق.
وأفادت هذه المصادر أن وايلز كانت فعالة بشكل خاص في إقناع ترامب بأن تراجع السوق يُكلفه رأس مال سياسيًا كبيرًا سيحتاجه لبنود جدول أعماله المستقبلية، حيث تلقى المشرعون مكالمات غاضبة متزايدة من الناخبين مع استمرار هبوط السوق.
وكان بيسنت، الذي ركز حديثه مع ترامب خلال عطلة نهاية الأسبوع على التركيز على الهدف العام للرسوم الجمركية، بدا أيضًا وكأنه يضطلع بدور أكبر في نقل الرسائل، حيث تحدث مرارًا عن عشرات الدول التي تتنافس الآن على صفقات تجارية.
وقال بيسنت يوم الأربعاء: “كان هذا مدفوعًا باستراتيجية الرئيس، وأجرينا محادثة مطولة يوم الأحد، وكانت هذه هي استراتيجيته طوال الوقت“.
ومع ذلك، أقر ترامب بأنه كان يراقب الأسواق عن كثب، واصفًا أداءها بأنه “متشائم” خلال الأيام القليلة الماضية.
وبعد أسبوع من إعلانه عن رسوم جمركية قلبت النظام التجاري العالمي رأسًا على عقب، وقف الرئيس الأمريكي خارج البيت الأبيض، وتأمل في أسباب تراجعه، وسعى إلى نسب الفضل لنفسه في مشكلة من صنعه إلى حد كبير، مؤكدًا أن مصداقيته لم تتآكل بسبب الصدمة، وقال: “يجب التتحلى بالمرونة، أعتقد أن الأسواق المالية تتغير، انظروا إلى مدى تغيرها اليوم“.