نحن أمام مباراة من نوع فريد أكثر امتاعا و أكثر كلفة , ليس كالمباريات المعهودة فائز و خاسر، نحن أمام مباراة تحدد مصير العالم أجمع، يتدخل في حيثيتها الحكم واللاعب والراعي والمراقب وحتى الجماهير الغفيرة تلقي بظلالها على المشهد.
اذا كنا نتحدث عن الولايات المتحدة الأمريكية كأكبر قوة اقتصادية وعسكرية عالمية فهذا الامر ينطبق أيضا على الشعار القائل ” بحجم تكساس ” كناية عن حجمها كأكبر ولاية أمريكية حتى انضمام ألاسكا عام 1959. تكساس أضحت أرض الملعب والصفيح الساخن الذي تتقلب على جمره الادارة الامريكية الذي يعادل اقتصادها اقتصاد دول كفرنسا أو إسبانيا، فهو التاسع علميا و يتصدر ثاني الولايات الأمريكية انتاجا للبترول والغاز. لذلك تعي الادارة الامريكية جيدا المثل القائل ” لا تعــــــبث مع تكســــاس ” حين يمرر الهدف – إلى بلد بحجم تكساس – ويكون المحك الانتخابي فهي ثاني أكبر الولايات عددا من حيث أصوات الناخبين . فقد لاقت تصريحات حاكم ولاية تكساس “غريغ أبوت ” صداها لدي حكام الولايات من الجمهورين مؤكدين اعتزامهم ارسال قوات داعمة لتكساس لتأمين الحدود في تحد مهين للإدارة بايدن الداخلية، بعدما رفض وصول السلطات الفيدرالية وحرس الحدود لمتنزه شِلبي لإنقاذ احدى المهاجرات المكسيكيات غير الشرعيات التي جرفها النهر وطفليها. يأتي بيانه آثر قرار أصدرته المحكمة العليا للسماح للسلطات الفيدرالية وحرس الحدود بإزالة الأسلاك الشائكة على امتداد 47 فدان من منتزه شِلبي ونهر ريوجراندي غرب ولاية تكساس الأمريكية، متهما ادارة بايدن بالتهاون وملمحا عن تجاوزات من حرس الحدود في تطبيق قوانين الهجرة، معربا عن حق الولاية الدستوري في حفظ أمنها والدفاع عن حدودها ضد ما أسماه “بالغزو المحتمل “.
والجدير بالذكر أن المكسيك سيطرت على ولاية تكساس ثم انفصلت عنها كدولة مستقلة ما بين( 1836-45)ثم انضمت للاتحاد الفيدرالي الأمر الذي تسببت في العديد من الأحداث أدت نشوب الحرب الأهلية الأمريكية للتخلص من الرق والعبودية “.
الأمر الذي جعل المراقبين يتكهنون من احتمالية اندلاع حرب أهلية ثانية، لم ينته الأمر عند هذا الحد, بل قام حاكم ولاية تكساس بالتعبئة العامة للجيش الوطني للولاية من دبابات وفرق مشاه لتأمين الحدود ومثله قامت أكثر من ثمان عشرة ولاية بالتعبئة العامة وسط مخاوف أمنية من تصاعد حدة الأزمة احتمالية حدوث سلسلة من الاضطرابات والاضرابات والفوضي بدأت بمسيرات بولاية أريزونا ودعوات لانطلاق جيش الرب المناصر لترامب من فلوريدا نحو تكساس كما هو مقرر له في الثالث من فبراير الحالي، مما ينذر بدخول البلاد في نفق مظلم، وهروب لرؤوس الأموال من أمريكا كما صرح الخبير الروسي “ألكسندر نازاروف: لروسيا اليوم .
في حين عيون أخرى في الشرق الأوسط توظف المشهد لإطالة أمد الحرب في غزة بعدما دخلت الحرب يومها 120 وسط تطلعات تأمل عودة ترامب للسلطة بعدما رفضت تل أبيب مقترحات بايدن حول تولي السلطة الفلسطينية للإدارة القطاع في غزة.
و مما يزيد الضغوط على الادارة الأمريكية التي تعهدت بالدفاع عن إسرائيل وحماية أمنها الى فتح جبهات عديدة، أدت لمقتل العشرات من الجنود بنيران الحوثيين في البحر الأحمر و هجوم على قواعد الأمريكية في الأردن والعراق مما دفع صناع القرار للسخط والسخرية من بايدن جراء التساهل في سياسته مع ايران .
الآن يواجه بايدن العديد من القضايا المرفوعة ضده في ولاية ميتشغن من الجالية العربية اتهامه بالمساعدة في الابادة الفلسطينيةُ
لم تتوقف الانقسامات الحزبية والسياسية عند المشهد الامريكي بل امتدت لأوروبا التي أعربت عن قلقها نظير تقدم ترامب و احتمالية تعزيز نفوذ بوتين وهذا القلق فضحه مؤتمر دافوس 2024 بعد الفوز الساحق لترامب داخل الحزب الجمهوري في ولاية أيوا . حيث صرح أكثر من مرة للإعلام انه يستطيع انهاء الحرب في يوم واحد، أما بكين فتجد فوز ترامب الدكتاتور كارثة لاقتصادها الذي لا يتوانى عن فرض عقوبات اقتصادية صارمة وتعريفات ضريبية باهظة . واتسعت الانقسامات ليضم انقسام مكافئ له في المشهد البريطاني عندما أثار وزير الخارجية البريطاني ” ديفيد كاميرون ” جدلا واسعا بين مؤيد ومعارض ومشكك لنواياه داخل حزب المحافظين حول امكانية أن تقدم بريطانيا اعترافًا رسميا بالدولة الفلسطينية للأمم المتحدة لإنهاء الصراع القائم فى غزة .
إن فوز ترامب نسبة احتماله متأرجحة، استمد ثقلها المحللون السياسيون من الالتفاف الجمهوري حول ترامب إلا أنه لن يشفع له حالة ادين في تمرد الكابيتول 2021 وفقا للمادة 14 للدستور الأمريكي. يظل السؤال إلى أي كفه تميل الانتخابات الأمريكية أم هناك جهة مستقلة قد تطفو على السطح بعيدا عن الحزبين الجمهوري والديموقراطي تجنب البلاد خطر الانزلاق في حرب دموية طاحنة .
بقلم: هويده عبد العزيز
2024 1 شباط
إتبعنا