
مملكة تبني المستقبل اليوم
تتجسد رؤية المملكة في مبادرة “رؤية 2030″، التي توفر الإطار العام. ويركز هذا الطريق الطموح على التنويع بعيداً عن الاعتماد على النفط.
تشهد المملكة العربية السعودية تحولاً دراماتيكياً مدفوعاً بأهداف طموحة لتنويع الاقتصاد واعتماد تقنيات متطورة مثل الذكاء الاصطناعي وشبكات الجيل الخامس. فهذه التطورات ليست مجرد ترقيات تكنولوجية، بل إنها تعيد تشكيل الصناعات، وتعيد تحديد معالم القوى العاملة، وتضع المملكة كلاعب رئيسي في الساحة الرقمية العالمية. هذا التحول لا يخلو من التحديات؛ إذ يتطلب تنقلاً دقيقاً بين الأطر التنظيمية، وتطوير القوى العاملة، ومراعاة الاستدامة، إلا أن الزخم الإيجابي لا يمكن إنكاره.
تتجسد رؤية المملكة في مبادرة “رؤية 2030″، التي توفر الإطار العام. ويركز هذا الطريق الطموح على التنويع بعيداً عن الاعتماد على النفط، حيث تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تحقيق هذا الهدف. وتعزز الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي NSDAI التي أُطلقت في عام 2020 هذا الالتزام، بهدف تأسيس المملكة كقائد عالمي في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030. وتدعم هذه الجهود استثمارات ضخمة، أبرزها خطة لإنشاء صندوق بقيمة 40 مليار دولار مخصص لمبادرات الذكاء الاصطناعي.
وسيم شربجي، رئيس شركة كوالكوم Qualcomm في الشرق الأوسط وإفريقيا، ونائب الرئيس الأول للشؤون الحكومية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
الذكاء الاصطناعي على الحافة AI at the Edge دافع التحول الصناعي
يُعتبر أحد الجوانب الأكثر إثارة في استراتيجية المملكة للذكاء الاصطناعي هو تركيزها على “الذكاء الاصطناعي على الحافة (AI at the Edge)، أي معالجة البيانات وتشغيل نماذج الذكاء الاصطناعي مباشرة على الأجهزة بدلاً من الاعتماد حصرياً على البنية التحتية السحابية. ويكون هذا النهج ذا أهمية خاصة في البيئات الصناعية، حيث قد تكون الاتصالات محدودة أو غير موجودة.
وأوضح وسيم شربجي، رئيس شركة كوالكوم Qualcomm في الشرق الأوسط وإفريقيا، ونائب الرئيس الأول للشؤون الحكومية في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا في لقاء مع أريبيان بزنس: “التحدي كان: كيف يمكن جلب الذكاء الاصطناعي إلى بيئة لا تتوفر فيها خدمة السحابة أو اتصال الإنترنت؟” واستشهد بمثال منشآت أرامكو المعزولة عن الشبكة، مثل مصنع النفط بخريص، حيث يتم تقييد الاتصال بالإنترنت عمداً لأسباب أمنية. وأضاف: “عادةً، عندما يفكر الناس في الذكاء الاصطناعي، يتخيلون الحوسبة السحابية وخدمات مثل ChatGPT. لكن أرامكو كانت بحاجة إلى حلول ذكاء اصطناعي تعمل بالكامل على المواقع.”
أدت التطورات التكنولوجية الحديثة إلى تطوير نماذج هجينة للذكاء الاصطناعي (Hybrid AI Models) تعمل بشكل متزامن على الأجهزة المحلية والخوادم. وفقاً لتوضيح شربجي: “على سبيل المثال، يمكن للعامل الميداني استخدام جهاز مزود بتقنية الرؤية الحاسوبية (Computer Vision) لتحديد المكون الصناعي مثل المثبت العمودي (Vertical Stabilizer). حيث يتعرف الذكاء الاصطناعي المدمج في الجهاز على المكون، ثم يسترجع الجزء ذي الصلة من آلاف الصفحات الفنية المتخصصة.”
وتكمن أهمية هذا التطور في تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز السلامة المهنية، من خلال توفير المعلومات الحيوية للعاملين فورياً، دون الحاجة إلى التصفح الشاق في الكتيبات الورقية الثقيلة أو الاعتماد الكلي على الاتصال بالحوسبة السحابية (Cloud Computing).
يُمثل نهج “الحافة أولاً” (Edge-First Approach) منهجاً تقنياً متقدماً يتيح اتخاذ القرارات في الوقت الفعلي (Real-Time Decision Making)، مع تخفيض زمن الاستجابة وتعزيز أمن البيانات (Data Security). ويكتسب هذا النهج أهمية استراتيجية في قطاعات حيوية مثل النفط والغاز، حيث تُعد العمليات عن بُعد (Remote Operations) والصيانة التنبؤية (Predictive Maintenance) من الأولويات الحرجة.
وتكشف تحليلات GlobalData’s Technology Foresights عن الاستثمارات المتميزة لشركة أرامكو في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تشمل مجالات متعددة مثل استكشاف النفط، والعمليات تحت الماء، وأتمتة معالجة البيانات الزلزالية.
ويعكس استثمار أرامكو البالغ 3.5 مليار دولار في البحث والتطوير خلال عام 2023، بزيادة نسبتها 15٪ عن العام السابق، التزاماً مؤسسياً راسخاً بالابتكار التكنولوجي والتحول الرقمي المستمر.
وتبدد هذه المعالجة المحلية للذكاء الاصطناعي المخاوف المتعلقة بأمن البيانات. وأكد شربجي على أن “سيادة البيانات أمر في غاية الأهمية”، مشيراً إلى أهمية معالجة وتخزين البيانات داخل حدود المملكة. وأضاف: “يجب أن نضمن بقاء المعلومات الحساسة تحت السيطرة الوطنية، خاصة في قطاعات حيوية مثل الطاقة والدفاع.”
يمتد دور شركة Qualcomm إلى تحسين نماذج الذكاء الاصطناعي (AI Models) لتتناسب مع أجهزة الحافة (Edge Devices). وأوضح شربجي أن الشركة قد أسست مركز الذكاء الاصطناعي -AI Hub، وهو منصة متكاملة يمكن للمطورين من خلالها الوصول إلى مجموعة متنوعة من نماذج الذكاء الاصطناعي المحسنة والمقياسة للأجهزة المختلفة.
وأضاف شربجي: “بإمكان المطورين ببساطة اختيار النموذج المناسب، ونشره، والحفاظ على تحديثه بسهولة”، مما يعزز بشكل كبير من سهولة تنفيذ وصيانة حلول الذكاء الاصطناعي في مختلف البيئات الصناعية المتنوعة.
لا تقتصر التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي على Qualcomm فحسب. فشركة NVIDIA، من خلال شراكتها الاستراتيجية مع الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي (SDAIA)، تعمل على بناء بنية تحتية لمراكز البيانات عالية الأداء (High-Performance Data Centers) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مدعومة بتقنيات NVIDIA المتطورة. وتركز الشراكة بشكل خاص على توظيف العمارة المستقبلية (NVIDIA Blackwell Architecture)، والتي تمثل قفزة نوعية في تقنيات الحوسبة المتقدمة.
الجيل الخامس الصناعي Industrial 5G العمود الفقري للاتصال
لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي على الحافة (Edge AI)، يُعد الاتصال القوي والموثوق أمراً جوهرياً. وهنا يأتي دور تقنية الجيل الخامس- 5G كركيزة أساسية في هذا المجال.
شرعت السعودية في نشر شبكات الجيل الخامس بشكل مكثف ومدروس، حيث وصلت التغطية إلى 75 مدينة ومحافظة بحلول 2025. ويتجلى التميز السعودي بشكل خاص في نهجها الريادي في تطبيق الجيل الخامس الصناعي (Industrial 5G)، مما يعكس رؤية استراتيجية متقدمة في التحول التكنولوجي.
وأشار شربجي: “ما هو ثوري حقاً هو نهج السعودية للجيل الخامس الصناعي.”
وأضاف: “خصصت المملكة 450 ميغاهرتز من الطيف لتطبيقات صناعية، وهو ما يُعد فريداًعلى مستوى العالم.” فهذا الطيف المخصص يتيح إنشاء شبكات خاصة من الجيل الخامس تلبي الاحتياجات الخاصة للصناعات المختلفة. وقد حصلت أرامكو ديجيتال على الترخيص لبناء شبكة جيل خامس صناعية على مستوى الوطن، تهدف إلى خدمة أكثر من 200,000 صناعة.
يمثل التخصيص الاستراتيجي للطيف الترددي (Spectrum Allocation) التزاماً واضحاً بتمكين الأتمتة الرقمية والصناعية، فالشبكات الخاصة للجيل الخامس توفر مزايا تقنية متعددة، تشمل زيادة عرض النطاق الترددي (Bandwidth Expansion)، وخفض زمن الاستجابة (Latency Reduction)، وتعزيز مستويات الأمان (Enhanced Security)، والتحكم الدقيق في موارد الشبكة (Network Resource Management).
وتكتسب هذه الميزات أهمية بالغة في القطاعات الحيوية مثل النفط والغاز، واللوجستيات، والأمن، حيث تُعد الاتصالات الموثوقة والآمنة (Reliable and Secure Communications) من المتطلبات الأساسية للعمليات التشغيلية.
لعبت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات (CITC) دوراً حيوياً في تسهيل نشر تقنيات الجيل الخامس من خلال الدعم التنظيمي والتخصيص الاستراتيجي للطيف الترددي. واتسم نهج الهيئة بتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتعزيز التنافسية في السوق، مع الحفاظ على مستوى مناسب من الرقابة لضمان معايير الجودة العالية.

لعبت شركة Huawei، بوصفها مزوداً رئيسياً للبنية التحتية، دوراً محورياً في تطوير بنية الجيل الخامس بالمملكة. وركزت الشركة على ترقية جميع النطاقات الترددية إلى الجيل الخامس لتعزيز كفاءة الطيف، مع دمج نماذج أساسية معتمدة على الذكاء الاصطناعي (AI-Based Models) لتحقيق استقلالية شبكية من المستوى الرابع (Level-4 Network Autonomy).
وتشير تقييمات Huawei إلى أن بنية الجيل الخامس في السعودية تحتل حالياً مرتبة متقدمة ضمن أفضل خمس بنى تحتية عالمياً، وذلك بفضل مقاييس كفاءة الطاقة المتميزة وتحسين تكاليف التشغيل.
السعودية مقارنة بالرواد العالميين: تحليل مقارن
بينما تحقق السعودية خطوات كبيرة في مجالي الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، من المهم وضع تقدمها في سياق المشهد العالمي الأوسع. إذ يقدم مقارنة نهجها مع نهج دول رائدة أخرى مثل الصين والولايات المتحدة والإمارات رؤى قيمة.
يتميز نهج الصين في تطوير الذكاء الاصطناعي بتدخل الدولة القوي وتركيزها على التقنيات الاستراتيجية. حيث تلعب الحكومة دوراً محورياً في تمويل الأبحاث، وتحديد المعايير، وتعزيز تبني التقنيات عبر مختلف القطاعات. وقد مكن هذا النهج من تقدم الصين بسرعة في مجالات مثل التعرف على الوجوه، والمراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، والمركبات ذاتية القيادة.
أما الولايات المتحدة، فتتبع نهجاً قائماً على السوق، حيث يدفع الابتكار في الغالب الشركات الخاصة والمؤسسات البحثية. وغالباً ما يتركز التركيز على تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تخدم المستهلكين، مثل التوصيات المخصصة، والمساعدين الافتراضيين، والترفيه المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من تفوق الولايات المتحدة في مجال البحث والتطوير في الذكاء الاصطناعي، فقد أثيرت مخاوف بشأن الاعتبارات الأخلاقية، وخصوصية البيانات، وإمكانية وجود تحيز في خوارزميات الذكاء الاصطناعي.
أما الإمارات، فمثل السعودية، فقد تبنت نهجاً قائماً على الرؤية في مجالي الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، مع التركيز على مبادرات المدن الذكية والخدمات الحكومية الرقمية. وقد برزت دبي بشكل خاص كمركز للابتكار، مما جذب شركات التكنولوجيا ورواد الأعمال من جميع أنحاء العالم. كما كانت الإمارات سباقة في تطوير الأطر التنظيمية والإرشادات الأخلاقية للذكاء الاصطناعي، ساعية لتحقيق توازن بين الابتكار والاستخدام المسؤول للتقنية.
يمكن اعتبار نهج السعودية نموذجاً هجيناً يجمع بين هذه الأنماط؛ إذ تلعب الحكومة دوراً كبيراً في تحديد الاتجاه الاستراتيجي وتوفير التمويل، وفي الوقت نفسه تشجع المشاركة من القطاع الخاص والتعاون الدولي. كما يميز تركيزها على التطبيقات الصناعية للذكاء الاصطناعي والجيل الخامس عن النهج السائد في الولايات المتحدة، بينما تميزها حرصها على سيادة البيانات والأمن الوطني عن الأساليب الأكثر انفتاحاً في الإمارات.
رغم الأهداف الطموحة والاستثمارات الكبيرة، تواجه السعودية عدة تحديات في تحولها نحو الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس. ومن أهم هذه التحديات جاهزية القوى العاملة؛ إذ يوجد فجوة كبيرة في المهارات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والجيل الخامس، مما يستدعي بذل جهود مركزة لتطوير الخبرات المحلية.
أشار شربجي إلى أن أحد المجالات الرئيسية للعمل مع الحكومة يتمثل في تطوير الخبرة في مجالات الذكاء الاصطناعي وتقنيات أشباه الموصلات.
وأكد أن هذا التوجه يُعد أساسياً للابتكار طويل المدى. يتضمن هذا المسار الاستراتيجي الاستثمار في برامج التعليم والتدريب، واستقطاب المواهب الدولية، وتعزيز التعاون المثمر بين الجامعات والقطاع الصناعي.
وقد أطلقت الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي (SDAIA) برنامج تدريب مهني متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي بالتعاون مع شركة NVIDIA، من خلال أكاديمية الذكاء الاصطناعي التوليدي.
يهدف البرنامج إلى تزويد المتخصصين بمهارات متقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، مع التركيز بشكل خاص على نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) والنماذج متعددة الوسائط (Multimodal Models).
ومن التحديات الأخرى عدم اليقين التنظيمي. ففي ظل التطور السريع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، يتعين على صناع السياسات تطوير أطر قانونية وأخلاقية ملائمة لتنظيم استخدامها. ويشمل ذلك معالجة قضايا مثل خصوصية البيانات، والتحيز في الخوارزميات، واحتمال فقدان الوظائف.
وتشير شركة White & Case LLP إلى أنه على الرغم من أن السعودية لم تعتمد بعد قوانين تلزم بتطبيق تنظيمات الذكاء الاصطناعي بالقوة القانونية، فقد أصدرت SDAIA مسودات لمبادئ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، مما يدل على اتباع نهج منظم في هذا المجال.
كما تُعد الاستدامة مصدر قلق متزايد. فالاستهلاك الكبير للطاقة في بنية الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس يستدعي بذل جهود لتعزيز الذكاء الاصطناعي الأخضر ومراكز البيانات المدعومة بالطاقة المتجددة. وأكد شرباجي: “الاستدامة جزء من حمضنا النووي؛ تقنيتنا مصممة لتحقيق أداء عالٍ مع استهلاك منخفض للطاقة. المفتاح هو استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة.”
تتطلع السعودية إلى ما بعد عام 2025، حيث تضع الأساسات الراسخة لشبكات الجيل السادس. وكما أوضح شربجي، فإن كل جيل من تقنيات الهاتف المحمول يتبع دورة زمنية محددة تمتد لعشر سنوات.
من خلال الاستثمار الاستراتيجي في بنية الجيل الخامس في الوقت الحالي، تبني المملكة القاعدة التكنولوجية للتقنيات المستقبلية. وشدد شربجي على أهمية تطوير الجيل الخامس بالشكل اللازم قائلاً: “إذا لم يتم تنفيذ الجيل الخامس بالشكل الصحيح، ستواجه الدول تحديات جوهرية في تطبيق وتبني تقنيات الجيل السادس.”
تؤكد دراسة McKinsey & Company الإمكانيات الاقتصادية الضخمة للذكاء الاصطناعي في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تقدر إمكانية تحقيق ما يصل إلى 150 مليار دولار، وهو ما يعادل حوالي 9٪ أو أكثر من الناتج المحلي الإجمالي للدول المشتركة.
وتقدم مجموعة Boston Consulting Group رؤى إضافية من خلال مسحها الأخير بعنوان “المستهلكون يعرفون أكثر عن الذكاء الاصطناعي مما يعتقد قادة الأعمال”. شمل البحث 21,000 مستجيب من 21 دولة عبر ست قارات، مما وفر بيانات مقارنة قيمة حول الوعي والاستخدام والمشاعر تجاه الذكاء الاصطناعي والذكاء الاصطناعي التوليدي.
كشفت نتائج BCG للسعودية عن أن 83٪ من المستهلكين السعوديين على دراية بالذكاء الاصطناعي التوليدي، رغم أن 18٪ فقط منهم قد استخدموا تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي فعلياً. ويتجلى تكامل هذه التقنيات بشكل خاص في التطبيقات القطاعية التي تعطيها الهيئة السعودية للذكاء الاصطناعي (SDAIA) الأولوية.
نهج Qualcomm… منافس تقليدي أم شريك؟
في ظل مشهد تنافسي عالي، نجحت Qualcomm في حجز مكانتها من خلال التركيز على الابتكار المشترك والشراكات طويلة الأمد. أوضح شربجي استراتيجيتهم قائلاً: “بدلاً من بيع حلول جاهزة، نعمل كشريك للابتكار المشترك مع شركات مثل أرامكو والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي.”
يرى شربجي أن هذا النهج ضروري لبناء الثقة وتقديم قيمة مستدامة. وأضاف: “بمجرد أن ترى الحكومات القيمة طويلة الأجل التي نقدمها – من تدريب المواهب المحلية إلى بناء النظم البيئية وتعزيز الابتكار – يدركون أن نهجنا مختلف.”
مع النظر إلى المستقبل، يظل تركيز Qualcomm منصباً على تحويل العمليات الصناعية باستخدام الذكاء الاصطناعي (Artificial Intelligence)، خصوصاً في قطاع النفط والغاز مع أرامكو. كما تسعى الشركة إلى توسيع حضورها في أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالذكاء الاصطناعي (AI PCs) والحلول السحابية الهجينة وقد تجلى ذلك بإطلاق “علّام” خلال ليت 2025، وهو مشروع مشترك بين كوالكوم والهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، يتميز بتوفر نموذج الذكاء الصناعي على الجهاز مباشرة بدلاً من الاعتماد على تقنيات السحابة.
بينما تواصل المملكة رحلتها في التحول الرقمي، ستكون إسهامات Qualcomm، إلى جانب مساهمات قادة التكنولوجيا العالميين الآخرين، ذات دور محوري في تشكيل مستقبلها. يُعد التركيز على الذكاء الاصطناعي على الحافة (Edge AI)، والجيل الخامس الصناعي (Industrial 5G)، والشراكات الاستراتيجية عوامل تمكّن السعودية من أن تصبح لاعباً هاماً في الاقتصاد الرقمي العالمي.
وبينما لا تزال التحديات قائمة، يشير التزام المملكة بالابتكار ورؤيتها الطموحة إلى مستقبل مشرق في تحولها في مجالي الذكاء الاصطناعي والجيل الخامس.