من يبني حملته على هدم الآخرين .. لا يملك ما يبني به الوطن

بقلم / عامر جاسم العيداني… العراق
في كل دورة انتخابية يظهر على الساحة مرشحون لا يحملون مشروعاً ولا رؤية ولا برنامجاً سوى التسقيط والانتقاد ويجعلون من خصومهم مادة دعائية وخطاباً انتخابياً وكأن السبيل إلى البرلمان يمر عبر تشويه الآخرين لا إقناع الناخبين.
إن هذا النوع من الخطاب لا يعبّر عن وعي سياسي حقيقي بل عن عجز فكري وإفلاس أخلاقي ، فحين يعجز المرشح عن تقديم منجزٍ أو فكرةٍ أو حتى وعدٍ قابلٍ للتحقيق تراه يلجأ إلى أسهل الطرق وهو الضرب في الآخرين ويظن أن سقوط منافسه يعني صعوده متناسياً أن الناس لم تعد تنخدع بالشعارات الفارغة ولا بالمهاترات الانتخابية.
الحملة الانتخابية ليست معركة لتصفية الحسابات بل مسؤولية وطنية وأخلاقية فيها يُقدَّم البرنامج لا الاتهام وتُعرض الرؤية لا المنقصة. فالمواطن الذي ينتظر الأمل لا يحتاج من المرشح أن يخبره من هو الفاسد بل كيف سيُصلح الفساد وكيف سيخلق فرص العمل ويحسن الخدمات ويعيد للدولة هيبتها.
إن من يبني حملته على التسقيط يشبه من يحاول أن يصعد على ركام وطنٍ مهدّم بينما السياسي الناضج هو من يتحدث بلغة البناء والإصلاح والمستقبل. فالانتخابات ليست ساحة انتقام بل اختبار للنزاهة والقدرة على الإقناع والعمل.
المرشح الذي يهاجم بلا دليل ويسيء بلا مبرر ويفتقر إلى برنامج واضح إنما يعلن للناس أنه غير مؤهل لقيادتهم وأنه سيسلك ذات النهج بعد فوزه ونقد بلا حل وضجيج بلا إنجاز.
وللأسف بعض الفضائيات والصحفيين يساهمون في تكريس هذا النهج الهابط حين يفتحون شاشاتهم وصفحاتهم لمن يملأ الأجواء ضجيجاً واتهامات دون تمحيص أو مسؤولية مهنية ، بدل أن تكون وسائل الإعلام منبراً للوعي تحولت لدى البعض إلى منصات لتصفية الحسابات وترويج خطاب الكراهية.
الصحفي الذي يمنح الميكروفون لمن يهاجم دون دليل إنما يتخلى عن رسالته ويشارك في تضليل الناس وتشويه مفهوم المنافسة الديمقراطية. إن الإعلام النزيه هو الذي يرفع مستوى النقاش لا من يخفضه إلى مستوى السوق والمهاترات ، ان الصحافة رسالة لا تجارة ومن يفرّط بها من أجل مشاهدة أو مكسب سياسي فإنه يسيء لنفسه قبل أن يسيء للمهنة.
فليتذكر كل من يسعى إلى السلطة وكل من يمسك بالميكروفون أو يدير الكاميرا أن الثقة تُكتسب بالمصداقية لا بالخصومة وأن من يبني حملته على هدم الآخرين لا يملك ما يبني به الوطن.
اكتشاف المزيد من
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.











