أنها أقدار الله ٠تسري سفينتنا على مياه راكده تهدهدها الأمواج يوما وتجرفها العواصف أياما فيتغير اتجاهها وتحيد عن أهدافها وقد تثقب جوانبها ويتلف شراعها. فما حال قبطانها تراه يجزع أم يصبر على هياج العواصف وما كان يمتلك مفاتح الغيب ولا أسراره ولكنه عهد من ربه قدرا يرضيه وعوضا يروي ظمأه ويشفي قلبه وملجأ لضعفه واستجابة لدعائه فالحياة تعلمنا أن الخير في أقدار الله والتماس خيرها لا يتأتى بانكشاف أسبابها إنما هو بالثقة في الله والصبر على قدره.
أما عن الثقة في الله فهي تنبع من التوكل وتفويض الأمر لله وإن أصعب الأمور ليس ما يهلك البدن بل على العكس إذا أحب الإنسان عمله أفنى في ذلك بدنه وإنما أصعبها هو ما يشغلنا بنتائجه ونهتم بملذات الحياه وماذا سيحدث بعد ذلك وهل سيتحقق المراد وماذا إن لم يتحقق وهكذا في دوامة تفكير وقلق على المستقبل وفي حين أن أشق الأمور الانشغال بما سيكون فقد أمرنا الله بالأخذ بالأسباب هذا التوكل يجعل كل النتائج متساوية في نظرك لأنك أديت ما عليك وتوكلت على من لا يخيب ظنك.
عزيزى القارىء أشد ما يريح الإنسان هو الإيمان بأقدار الله والتسليم لها وأقدار الله كلها خير وإن لم يرى خيرها في الحال كأصحاب السفينة إن إدراك وجود الله وغلبة إرادته هي التي تجعلنا قادرين على مواصلة السير بقوة
فهذا سيدنا موسى الذي وجد نفسه بين خطرين من خلفه فرعون وجنوده ومن أمامه البحر؛ فقال أصحاب موسى إِنَّا لمدْركون فقال لهم موسى متوكلًا على ربه واثقًا بنصره كلا إِنّ معي ربّي سيهدين فهى ليست مجرد كلمة هو قائلها وإنما يقين يتربع في أعماق القلب وتوكل مستقر في جنبات النفس لتجد الروح ملجأها في أضيق الظروف وأشدها، فيأتيه نصر ربه فور يقينه وثقته ونظرا لأننا بشر يعترينا التذمر والنفور أحيانًا من ضيق قد يصيبنا فإن اختبارات الحياة هي التي تعلمنا الثقة في الله وجميل قدره وتردعنا عن الظن السيئ بعد ضيق الحال.
وإننا في حياتنا مثل أصحاب السفينة عندما خرق الخضر سفينتهم أمام أعينهم ماذا ظنوا بربهم في هذه اللحظة صبروا أم جزعوا وقد ظهر هول الموقف في احتجاج سيدنا موسى رفيق الخِضر، “قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إِمْرًا”، وأيًا كان رد فعلهم حِيال الخَرق، فما حالهم بعد ما علموا بالملك الذي يأخذ السفن غصبًا، وأن عيب السفينة نجاهم من فقدها؟ أكان حالهم سعادة وسرورًا بما لقوا من صبرهم؟ أم ندمٌ على ما ظنوا سيئًا بربهم؟
هكذا هو حالنا بعد كل اختبار من اختبارات الحياة نجاح أو رسوب فيقول سيدنا سليمان لربه “هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ” وإن لأشد ما يُريح الإنسان هو الإيمان بأقدار الله والتسليم لها، وأقدار الله كلها خير وإن لم يُرى خيرها في الحال كأصحاب السفينة، إن إدراك وجود الله وغلبة إرادته هي التي تجعلنا قادرين على مواصلة السير بقوة، هي التي تعطينا الأمل مهما ساءت الأمور.فصبْر جميلٌ واللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَىٰ مَا تصفون فلما لا نقتدي بيعقوب نصبر على أحوال لم نألفها على حزن يمر بنا على ضيق حالنا وفي أسوء ظروفنا والنتيجة مضمونة فهي ليست تجارة خاسرة فسيدنا يعقوب لم يتزعزع صبره رغم محاولات استيئاسه واقتلاع أمله فما تأثر بهم وتعلق بحبل ربه يشكوه حزنه “قَالَ إِنمَا أَشكو بثي وحزني إِلَى اللّه ، نعم نحن جميعا غافلون ما لم ندرك حقيقة إرادة الله في حياتنا ما لم نبحث عنها لنستزيد ونرتوي ما لم نرضى بها وندرك أنها الخير أينما كانت.فتوكل على الله وأصبر صبرا جميلا
أختكم الإعلاميه صباح السمير
إتبعنا