بقلم:الدكتور مدحت العزب … كاتب وطبيب مصري
عاش العالم بأسره فترة صعبة منذ أواخر عام ٢٠١٩م ،حيث أعلنت الصين اكتشاف فيروس كورونا المستجد ،و إصابة الآلاف من المواطنين ،وبعد فترة من اعلان الصين نجاحها فى السيطرة على المرض ،فوجىء العالم بانتشاره عالميا حتى اصبح وباءاً عالمياً، وعلى مدى اكثر من عامين ، أدى إلى وفاة وإصابة الملايين على مستوى العالم، وأدت توابعه إلى شل حركة العالم بصورة شبه كاملة لفترة طويلة ،أثرت على حركة السفر والمطارات والتجارة والاقتصاد عالميا ،مما يوصف بأكبر وباء عالمى عرفه العالم فى العصر الحديث.
وبعد اكتشاف لقاحات ضد المرض ، وتطبيق التطعيم عالميا ،و بعد جهود مضنية عالمية ،أعلن السيطرة على المرض بصورته الفتاكة الخطرة ،لتعود الحياة طبيعية مثل ما قبل كورونا ، وليتساءل العالم : هل يعود كورونا ،ومن أين جاء ؟ وما حقيقة المرض ولماذا خطورته الفتاكة ؟ وغيرها من التساؤلات الهامة.
حقائق طبية: *
فيروس كورونا المستجد هو الأحدث فى سلالة فيروسات كورونا ،وهو السابع المعروف من هذه السلالة الذى يصيب الانسان، والثالث الذى يسبب أمراضاً خطيرة ، مع أربعة انواع اخرى تسبب أعراضا بسيطة غير قاتلة.
وأما الأنواع الثلاثة الخطيرة ،ومنها كوفيد ١٩ فهي:(sars) فيروس سارس الذى ظهر فى الصين عام ٢٠٠٣ و هو يمثل اختصاراً “لمتلازمة الالتهاب الرئوى الحاد”،و(mers)السلالة الثانية وظهرت عام ٢٠١٢م فى المملكة العربية السعودية وهى اختصار لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ،واستطاعت المملكة حينها السيطرة على المرض مما ساهم فى انحساره وعدم انتشاره عالميا، ووجد علاقة بين هذا الفيروس والإبل.
أما النوع الثالث الخطير من سلالة كورونا فهو السلالة الحالية التى ظهرت فى الصين عام ٢٠١٩م و سمى كوفيد ١٩ ،ثم تم الحاقه لاحقا بسلالة سارس ،فعرف علميا (سارس كوف 2).
وقد أثيرت الكثير من الإتهامات والإشاعات والشبهات، هل الفيروس فى صورته الوبائية المنتشرة عالميا طبيعى ،أم مخلق أو مصنع بيولوجيا فى مختبرات الهندسة الوراثية ؟؟، وأشارت أصابع الاتهام بداية إلى الصين بصفتها دولة المنشأ ،ثم طالت الاتهامات الولايات المتحدة الأمريكية.
وفى دراسة بحثية قام بها أشهر علماء الفيروسات والمناعة والأحياء الدقيقة ،صرح ” كريستيان أندرسن ” وهو أحد الباحثين المشاركين : ” أنه قد تم مقارنة بيانات تسلسل الجينوم المتاحة لسلالات الفيروس التاجى المعروفة ، ويمكننا الجزم بأن سارس كوف ٢ وهو الاسم العلمى لفيروس كورونا المستجد، نشأ من خلال الطبيعة.
ومن خلال الدراسات العلمية المتعددة التى قام بها علماء حول العالم، من خلال بيانات التسلسل الجينى للفيروس، التى أتاحها العلماء الصينيون ،توصلوا إلى هذه النتائج العلمية الهامة:
– بناء على تحليل الهيكل الجزيئ للفيروس والبروتين الخاص به ،استنتج العلماء أنه نتيجة للتطور الطبيعى ،وليس نتاج هندسة وراثية أو معملية ،وأن بداية الوباء وانتشاره كان نتيجة إصابة شخص واحد حمل الفيروس ونقله إلى آخرين عن طريق العدوى.
– أكدت الدراسة أن فيروس كورونا المستجد يشبه فى الغالب الفيروسات ذات الصلة الموجودة فى الخفافيش ،و آكل النمل الحرشفى.
ويفسر العلماء نشأة الفيروس و تطوره الوبائي بأحد احتمالين:
-الاحتمال الأول: أن الفيروس تحور طبيعيا بعد أن انتقل الى وسيط او مضيف غير بشرى ،مثلما الحال فى سارس عام ٢٠٠٣م فى الصين ،حيث كان المضيف الحيوانى هو حيوان ” الزباد “، وكما كان ” الجمل ” هو الوسيط الحيوانى فى متلازمة الشرق الأوسط التنفسية فى السعودية عام ٢٠١٢م.
ويعتقد العلماء أن الحيوان المضيف فى حال كورونا المستجد او كوفيد ١٩ هو الخفاش ،وذلك للتشابه بين كوفيد ١٩ وفيروس كورونا الذى يصيب الخفاش.
-الاحتمال الثانى : هو حدوث انتقال الفيروس فى حالته غير المرضية من حيوان إلى البشر ،ثم تطور الفيروس طبيعيا فترة احتضان البشر له ، مما جعله فى صورته المرضية الخطيرة ،وانتقال العدوى بين البشر.
ومع عدم ترجيح العلماء احتمال على اخر ،الا أن الاحتمال الأول يبقى اكثر قبولا و واقعية للتفسير ،وكذلك اكثر قابلية لاحتمالية ظهور المرض فى المستقبل ،طالما دورة الفيروس بين الحيوان والانسان والعدوى ،مع التغيرات الطبيعية للفيروس التى تجعله خطيرا ومعديا.
وشخصياً،أري أن الميكروبات والفيروسات ،معروفة كأحد مسببات مرض الانسان منذ بدء الخليقة ،وستظل كذلك إلى قيام الساعة، و هذه الجراثيم المرضية خلقها الله بقدرة مرضية معينة ،استطاع الانسان وخاصة مع تقدم الطب والعلم إلى إيجاد علاجات مناسبة لها ،الا فى حالات معينة من المضاعفات و ضعف المناعة والأمراض المزمنة للانسان.
ومع صعوبة الجزم بهل كان كورونا المستجد فى صورته الوبائية، التى اجتاحت العالم كله ،طبيعيا ام مخلقا؟ وهل بدأ طبيعيا ثم تلقفته مختبرات وعلماء دول الشر ومنظمات حكومة الظل التى تسيطر على العالم ، وتريد خفض أعداد بشره ، أو إيجاد أزمة لا يعرف حلها الا هم،من باب الحوكمة والسيطرةِ!!!
وسواء عاد انتشار كورونا بشكله القديم أم لا،يبقى التأكيد على أن الأسلحة البيولوجية ،وللأسف الشديد ، حقيقة واقعية ،تمتلكها بعض الدول ، ولديها ترسانة هائلة، قاتلة ،فتاكة، من الجراثيم ، التى اعيد تركيبها البيولوجى والجزئي ، بإضافة بروتين ما،أو مادة ما،تغير من شدة فتكها المرضي، وما الجمرة الخبيثة،والجدري، والإلتهاب الرئوي، والطاعون والتيفويد، الا أمثلة لمثل هذه الأسلحة المخلقة بالفعل فى مختبرات ومعامل المناعة والأحياء الدقيقة لهذه الدول.
وأعتقد أنه لولا انشغال العالم كله ، والغرب والولايات المتحدة بخاصة، باندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا ،كان العالم على موعد لافتعال وباء جديد ، ربما عودة كورونا أو وباء جديد آخر. و( إن ) حدث هذا،فهذا دليل قوى ،على أن كورونا المستجد ،بدأ طبيعيا ،ثم حورته قوى الشر.
وإن غداً …لناظره قريب.