حوار ورأي

رحاب سويلم: علامة فارقة في الصحافة المصرية

تقرير / عبدالحفيظ موسى
رحاب سويلم ” مدرسة صحفية وأكاديمية تسير على قدمين، تركت بصمات متميزة في الكثير من المنابر الصحفية المصرية والعربية “رحاب “بلا شك هى أفضل رهانات صاحبة الجلالة فهى دوما فى تطور وتحديث قسم التحقيقات الصحفية في (الهرم المصرى ومصر اليوم والأهرام العربي فضلا عن أنها عرفت الصحافة العربية عبرإصداراتهاكلنا مسؤول والصباحية وعالم الفن أنها أول صحفية دارسة متمكنة، تخطط للفكرة وتتابعها، وتصوغها، ثم تقوم بإخراجها بنفسها، إنها الصحفية التى تبدأ رحلة الموضوع الصحفي من الألف إلى الياء
رحاب سويلم ” مدرسة صحفية متحركة، مستقلة بذاتها، لا تتبع تيارا أو فريقا لكنها تتبع نظرية واحدة، هى احترام الإنسان لنفسه ولمهنته كان يهمها في المقام الأول المواطن صاحب الحق ولم يكن تضع في حساباته غضب مسئول أو صاحب جاه أو منصب من قضية أثارتها في تحقيقاتها وحوارتها، لم تتبن “رحاب ” نظريات أو تدخل في متاهات دوامة القوالب السياسية، وبحكم أنها شخصية عاطفية حساسة للغاية تبنى مدرسة خدمة القارئ الذي يعتبر المالك الحقيقي لأي مطبوعة تعمل في كنفها.
ولم يكن اختيار رحاب لتقوم بمهنتها من فراغ، فهى تاريخ طويل من التفرد والتميز وقد ولد في محافظة المنيا وتخرجت من كلية الهندسة ثم إعلام القاهرة ومنذ تخرجها وهبت حياته لمهنة البحث عن المتاعب، وتمرست بمهاراتها المتنوعة وصالت وجالت في دروبها الوعرة، بدءا من أخبار اليوم التي عملت بها محررة في قسم التحقيقات ولديها ميل شديد للفن قبل أن تكمل دراستها الأكاديمية ومن هناك انطلقت في تعقب الأخبار والانفراد بكشف النقاب عن أخطر الأسرار، ونشرها في صحيفة (مصر اليوم والهرم المصرى والعهد الدولى للأخبار وهى التي شهدت بدايات نبوغها كمحقق صحفي من طراز نادر وجسور ومقتحم، وصاحبة خبطات مدوية.
في عام‏ 2022 انتقلت رحاب إلى مجلة الأهرام العربي لتكمل مشوارها مع التحقيق الصحفي الذي كانت تعشقه وتجيد كتابته بقدرة واقتدار؛ حيث أسست في الناشر المصرى مدرسة التحقيق الصحفي فتتلمذ على يديها في هذه المدرسة عدد كبير من الصحفيين الذين أصبحوا نجوما ساطعة في دنيا الصحافة وخلال رحلتها المهنية لم تكتفى بأن تكون صانعا للنجوم، ولم تتخلى عن الفن الصحفي الذي تعشقه، فقد أجرىت العديد من الخبطات الصحفية، كان من أبرزها سلسلة تحقيقات نادرة عن فن المسرح نشرت على صفحات العديد من الصحف والمواقع القاسية، ونقلها للقارئ .‏
وخلال عملها مدير عام جنوب الصعيد لجريدة الناشر المصرى وتوليها مدير عام الجريدة تعلم منها تلاميذها كيف يقدمون إلى الرأي العام أعلى مستوى من التحقيق الصحفي الذي لا تنقصه جرأة، ولا تقيده خشية، ولا يستهدف غير المعالجة الأمينة لحقائق الأمور بغير تهوين ولا تهويل، كانت مدرستها الصحفية هى مدرسة الأب ذو الهيبة والوالد الحنون، مدرسة الأستاذ الذي لا يبخل بعلمه على تلامذته مدرسة العاشق للمهنةالمتفاني لها المقيم بصفة دائمة في محرابها تعلم من يعمل معها كيف يكتب قصة صحفية كيف يتحرى قضية كيف يصوغ جملة كيف يصنع عنوانا جذابا للقارئ من خلال مقدمة صحفية ذكية كيف يختار الحرف مثلما يختار الصائغ قطعة الألماس النادرة ليرصع بها أسورة لحبيبته، وإضافة إلى ذلك تعرف بحسها الصحفي النادر كيف تختار الصورة الصحفية الإنسانية المعبرة رافعه شعار صورة واحدة معبرة تغني عن مليون كلمة.كما تعلم من كان يعمل مع رحاب المعروفة بالأدب الجم كيف يخرج التحقيق الصحفي، بحيث يبرز فن الإخراج الصحفي أهم عناصر الموضوع، ويجعل القراءة متعة، وليست رحلة شاقة بلا عودة للقارئ، ولم يقتصر عطاء رحابفي العهد الدولى على تطوير قسم التحقيقات الصحفية، ولكنها أيضا كانت أول من أنشأ مدرسة في النقد الرياضي والنقد الفني بحكم عشقها للغناء والسينما والدراما التليفزيونية، كما كان أول من كتبت صفحة نقدية بعنوان نقطة ومن أول السطرتناولت فيها مختلف الشخصيات الفنية والرياضية عن كواليس البلاتوهات فقد كان قلمها  نافذا في أرض النقد البناء.
تقول رحاب الدخول إلى مهنة الصحافة أمر سهل جدا، لكن أن تصبح صحفيا بارزا في هذه المهنة فهذه هى الصعوبة بعينها، لأن الصحفيين كثر، ومع الوقت يبدؤون في السقوط بفخ التزييف وقلب الحقائق، وبهذا تفقد الصحافة مصداقيتها، ويصبح الصحفي مجرد شخص كذاب مدعي طوال الوقت، ولهذا فإن الناس في الآونة الأخيرة بدأوا لا يأخذون كلام الصحافة بشكل عام على محمل جد، وهذه ليست مشكلة المهنة بقدر ما هى مشكلة كل شخص ينتمي لها ولا يراعي الصدق والحقيقة، لذلك نقول إنه من السهل جدا أن تصبح صحفيا، لكن من الصعب أن تصبح صحفيا بارزا مرموقا كرحاب سويلم الصحفية الجسورة بمداد كلمات صادقة ومعبرة عن قارئ يتعطش دوما للحقيقة مهما كانت مرارتها.