
بقلم:لواء دكتور/ سمير فرج
متابعة عادل شلبى
وفقاً للمفاهيم الاستراتيجية التي تُدرَّس في جميع الأكاديميات العسكرية حول العالم، تقوم كل دولة، كل خمس سنوات، بوضع تخطيط استراتيجي، شامل، يحدد رؤيتها خلال السنوات الخمس التالية، وتُعرف باسم “5 Years Assessment in Advance”، والتي تضم تقييماً للمتغيرات العالمية والإقليمية المحيطة بالدولة، كركيزة لبناء استراتيجية الدولة، ومنها تساق السياسات المتماشية مع تلك المستجدات والمتغيرات العالمية والإقليمية.
وخلال عام 2024، وضعت معظم دول العالم خططها للفترة الممتدة من 2025 إلى 2030، إلا أن وصول الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض، يوم 20 يناير الماضي، أحدث تغييرات عالمية، لا يمكن إغفال أثرها على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. ففور تولي الرئيس ترامب للسلطة، أعلن عن توجهه لضم كندا، وشراء جزيرة جرينلاند، والسيطرة على قناة بنما، كما فرض على دول حلف الناتو دفع حصتها الدفاعية كاملة، وإلا فلن تدافع عنها الولايات المتحدة، مما دفع الدول الأوروبية، وخاصة أعضاء الناتو، إلى إعادة النظر في خططها الدفاعية.
بالإضافة لذلك، قرر ترامب رفع الضرائب على الصين، وبعض الدول الأخرى، مما أربك الاقتصاد العالمي، فضلاً عن قراره بتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران، الأمر الذي قد يدفعها لاتخاذ مواقف أكثر حدة، في الفترة القادمة، كما تعهد بإيقاف الحرب الروسية الأوكرانية، وهو ما قد يمنح روسيا فرصة لالتقاط أنفاسها وإعادة تنظيم قواتها مستقبلاً. أما في الشرق الأوسط، فقد تزايد النفوذ التركي في سوريا، بعد سقوط نظام بشار الأسد، وصعود أحمد الشرع لسُدة الحكم، وسط حالة من عدم اليقين بشأن مستقبل سوريا، بعدما فقدت كل قواتها العسكرية. كما تراجعت قوة إيران، مما أضعف نفوذ كل من حزب الله وحماس، وسط إعلانه عن شكل جديد لقطاع غزة، وذلك بتهجير أهلها إلى مصر والأردن والسعودية، وتحويلها إلى ريفيرا الشرق.
وأمام مثل تلك التوجهات، والمتغيرات، التي لن تنحصر آثارها على منطقة الشرق الأوسط، فحسب، وإنما ستمتد لأبعد من ذلك، لابد وأن معظم دول العالم قد بدأت في تعديل استراتيجياتها للفترة 2025-2030، ومن المرجح ألا تكون تلك الخطط الجديدة جاهزة قبل منتصف العام الجاري، عندما تتضح معالم قرارات ترامب التي أثرت على موازين القوى العالمية والأنظمة الاقتصادية، وخاصة في الصين، وروسيا، ودول حلف الناتو. لذا، من الضروري متابعة هذه التغيرات والاستعداد لها مع منتصف هذا العام.