الطائرة B-2 وحكايتها …بقلم:لواء دكتور/ سمير فرج

متابعة عادل شلبي
ما هي حكاية الطائرة الأمريكية الشبح B-2؟ أغلى طائرة حربية في تاريخ العالم، حيث يبلغ تكلفتها 2,000,000,000 دولار. تُصنف هذه الطائرة بأنها القاذفة الاستراتيجية بعيدة المدى لجيش الولايات المتحدة الأمريكية، وسُمّيت بالشبح لأنها لا يمكن اكتشافها وتتبعها بأي نوع من أنواع الرادارات أو القدرات في العالم.
يقال إنها يمكنها الطيران من نيويورك إلى الجهة الأخرى من العالم في طوكيو لمدة طيران تصل إلى 44 ساعة، وتنفذ أي مهمة عسكرية دون أن يشعر بها أحد أو يكتشفها أحد. وعند عودتها يمكنها الطيران مرة أخرى بعد 50 ساعة عمل لإجراء الصيانة. وتبلغ تكلفة ساعة الطيران بهذه الطائرة 150,000 دولار.
كان أول استخدام لها في حرب كوسوفو، وبعدها في عام 2001 حققت الرقم القياسي لأطول مهمة قتالية لاختراق الأجواء الأفغانية في مهمة استمرت 44 ساعة بمشاركة أربع طائرات من طراز B-2. كما اشتركت في حرب أفغانستان عام 2001، ثم غزو العراق عام 2003، ثم حرب ليبيا في عملية “سخر الأودية” عام 2011 و”برق الأودية” عام 2015.
تُدار الطائرة بواسطة طاقم مكوَّن من طيارين اثنين وقبل الطيران، يقوم أحد الطيارين بابتلاع قرص منوَّم حيث يوجد له سرير داخل الطائرة ونظام مرحاض إلكتروني خاص وجهاز ميكروويف لتسخين الطعام. ينام الطيار الأول ليستيقظ بعدها ويتسلّم قيادة الطائرة، بينما يستلقي الطيار الآخر لاستكمال باقي الرحلة. وهكذا يتم تنظيم نوبات للطيران والراحة تناسب طبيعة وطول الرحلة، حيث يتناول طاقم الطيران نوعين خاصين من الغذاء.
تُعد أهم وأشق مرحلة في الرحلة هي مرحلة إعادة التزويد بالوقود في الجو، حيث يستلزم وجود الطاقم بالكامل وتنفيذها بترتيبات خاصة حتى لا يتم اكتشاف الطائرة. لأن الطائرة نفسها لا تُكتشف، لكن وجود طائرات التموين في الجو قد يكشف موقعها، لذلك تُتخذ إجراءات خاصة لمنع اكتشافها.
لهذه الأسباب، يُعتبر طاقم B-2 من أكثر طياري القوات الجوية الأمريكية خبرة وكفاءة، ولا يُسمح لهم بقيادتها إلا بعد اجتياز اختبارات صعبة للغاية.
القاذفة B-2 بعيدة المدى ومتعددة الأدوار والمهام، وتُمثل تقدمًا نوعيًا في استخدام التقنية في كل المجالات. هي تطوير للطائرة السابقة B-52. طولها 20.9 متر، وارتفاعها 5.1 متر، ووزنها 72,000 كيلو جرام، وعرض جناحيها 52.4 متر. أقصى وزن للإقلاع 152,000 كيلو جرام، وتبلغ حمولتها 18,000 كيلو جرام، وتطير بسرعة أقل من سرعة الصوت.
تُصنف كطائرة عابرة للقارات، ويمكنها حمل أسلحة تقليدية أو نووية بوزن يصل إلى 18 طنًّا. صُممت لتفادي اكتشافها من الرادارات والأشعة تحت الحمراء والصوتية والبحرية، حيث يغطي سطحها مواد تمتص موجات الرادار وتقلل الانعكاس مرة أخرى. كما أن تصميم الجناح يعمل على تشتيت موجات الرادار.
يمكن للطائرة العمل لمسافة تصل إلى 6800 ميل، وتحمل 16 قنبلة نووية و18 طنًّا من المتفجرات في أشكال وأنواع مختلفة من القنابل والصواريخ، منها القنبلة الجديدة GBU-57 القادرة على اختراق أهداف بدقة عالية تصل إلى عمق 60 مترًا
في الخرسانة والجبال. .
كان أول ظهور فعلي لهذه الطائرة باستخدام القنبلة الجديدة GBU-57 في العملية الأمريكية ضد المنشآت النووية الإيرانية، التي تمت فجر 22 يونيو، حيث أعلن الرئيس ترامب أن القوات الجوية الأمريكية نفذت هجمة بطائرات B-2 ضد مفاعل فوردو ومفاعل نطنز ومركز أصفهان النووي، بهدف تقليل قدرة طهران على تخصيب اليورانيوم.
انطلقت الطائرات من قاعدة وايتمان في ولاية ميزوري وسط أمريكا، في عملية سُمّيت “مطرقة منتصف الليل”. عبرت الطائرات المحيط الهادي حتى وصلت إلى مضيق جبل طارق ثم البحر المتوسط، ثم فوق إسرائيل حيث انضمت إليها طائرات حماية. بعد نحو 18 ساعة طيران نفذت الطائرات مهمتها باستخدام القنابل الجديدة GBU-57 ثم عادت إلى قواعدها.
أعلن الرئيس الأمريكي ترامب نجاح هذه الضربة التي نُفذت باستخدام طائرات B-2 «الشبح» قد حققت أهدافها بنجاح، وتمكنت من منع إيران من امتلاك السلاح النووي، مؤكدًا أن إيران ستحتاج لعدة سنوات أخرى لاستعادة قدرتها النووية مجددًا، وذلك بفضل دقة وكفاءة هذه الطائرات الفريدة.
ومن هنا بدأ التساؤل: هل نجحت روسيا أو الصين أو أي دولة أوروبية في إنتاج طائرة مشابهة؟ للطائرة B2 حيث تشير كل الدلائل إلى صعوبة ذلك. حيث يقال إن الحرب الروسية الأوكرانية أخّرت روسيا عن تطوير صناعاتها، فاعتمدت على الطائرة SU-25 الجديدة بأنواعها، بينما الصين آخر إنتاج لها هو الطائرة J-20. وهذه الطائرات لا تُقارن بالطائرة الأمريكية F-35.
ولقد اتخذت الولايات المتحدة قرارًا بعدم بيع هذه الطائرات إلى أي دولة أخرى لعدة أسباب، أهمها عدم نقل تكنولوجيا هذه الطائرات إلى دول أخرى عن طريق الهندسة العكسية، مما قد يمكّن من تصنيع طائرات مشابهة. كذلك إمكانية استغلال تكنولوجيا هذه الطائرات في تصنيع طائرات أخرى أحدث منها.
وإن كانت كل التقديرات والتحليلات حاليا تقول إن الصين وروسيا من المنتظر أن تفاجئا الجميع خلال عامي 2025 و2026 بإنتاج طائرة جديدة، يُتوقع أن تُنافس، بل وقد تتفوق على الطائرة B-2.
ومن هنا يتسائل الجميع في مراكز البحوث والدراسات هل ستفاجئنا هذه الدول مستقبلاً بإنتاج طائرة تشبه الطائرة الأمريكية B-2 تلك ما سوف تظهره لنا الأيام القادمة.