كتب داني حداد في موقع mtv:
سيتحدّث اليوم المرشد الأعلى الإيراني. لا يهمّنا ما سيقول. سيكذب حتماً، كما كذب هو وسلفه منذ عقود. مرشد الثورة التي خدعت شعوباً وأشعلت حروباً، وأعادت الإيرانيّين وشعوباً أخرى إلى ما يشبه عصور الجاهليّة. باسم الدين طبعاً. البضاعة الأكثر رواجاً في هذا الشرق، حيث يبيح الدين أحياناً قتل المرأة التي لم تحجب شعرها.
شجّعت ثورة المرشد الأعلى على قمع الحريّات، في إيران كما في أذرعتها. الحجّة أنّ الحريّة تفضي الى الفوضى والعنف، وتُناقض الدين. وهكذا هاجر من هاجر من ايران والعراق وسوريا ولبنان. هاجرت الأقليّات، خصوصاً، في أنظمةٍ تدّعي حماية الأقليّات. سوريا أصدق دليل.
أراد المرشد الأعلى أن يوسّع دولته. جاهر بأنّها تمتدّ من طهران الى بيروت، والحجّة تحرير القدس. فلا عاد الفلسطينيّون الى قدسهم ولا عاش أبناء الشعوب الأخرى استقراراً وسلاماً.
كم ضاع من زمنٍ وهذا الشرق تحت أقدام المرشد الأعلى. أُبعدت شعوبٌ عن خيارها وجُرّدت من قرارها، وأُوهمت بأنّ الوعي والتقدّم صناعة استعماريّة، والديموقراطيّة ابتكارٌ صهيونيّ.
سيتحدّث المرشد الأعلى اليوم. هل سيتأمّل وجوه السوريّين واللبنانيّين والعراقيّين واليمنيّين والفلسطينيّين، ويطلب منهم الصفح عن ثورةٍ جوفاء، وهميّة، خارجة على القانون والعقل وعلى حقّ الإنسان بالعيش حرّاً؟ هل سيقول لهم هرمنا وهُزمنا، بعد أن رفعنا شعارات ولم نزد علماً، وبنينا السجون وأهملنا الجامعات، وزرعنا الخوف بدل الدعوة الى النقاش؟
هل يعلن أنّه نقل القضيّة الفلسطينيّة من حربٍ على إسرائيل الى حربٍ أهليّة في العراق، وابتزازٍ للخليج في اليمن، ودعمٍ لبنّاء السجون في سوريا وتشويه لهويّة لبنان وجعلِه فوق فالقٍ زلزاليّ فاقدٍ للاستقرار بفعل فائض قوّة حزب الله، من ضرب العصي في الشارع الى حماية تجّار الكبتاغون وعصابات سرقة السيّارات، وصولاً الى تعطيل الحكومات والإخلال بالتوازنات؟
لا يهمّنا ما سيقول المرشد. ما حصل في الأشهر الثلاثة الأخيرة بات الحقيقة الساطعة التي جعلت من كلام المرشد والرئيس وقائد الحرس الثوري أوهاماً.
نترقّب الآن ما ستشهده سوريا، وانعكاسه علينا، وكيف سيتصرّف شعبٌ في الهواء الطلق بعد أن عاش عقوداً في الأقبية.
وننتظر “لبنان الجديد”، بعد الرئاسة، في ٩ كانون الثاني نأمل، وهل سيتمسّك حزب الله بالسلاح وبالشعارات، وهل ستشكّل حكومة إصلاحيّة، أم نواصل الانتحار والغرق في الفساد، وهذا لا نحتاج الى المرشد لكي يهدينا إليه، فهو، عندنا، أعتق منه ومن ثورته.
سيتحدّث المرشد، ولن نسمعه. في آذاننا أصوات من خرجوا من سجون الأسد، وفي أجسادهم المعذّبة ما تبقّى من حياة. وفوق رؤوسنا ضجيج طائراتٍ إسرائيليّة خلّفتها جبهة الإسناد واتّفاق الذلّ الذي وافق عليه حزب الله “المنتصر”!
هذه آخرة الظلم والقهر والغرور والعجرفة وتشويه الدين يا… قائد الثورة.
إتبعنا