مقالات الكتاب

النقد البنّاء ليس خيانة.. بل ضرورة وطنية

ولكن، هل من الوطنية أن نصمت أمام الخطأ؟
وهل الانتماء الحقيقي يعني فقط التصفيق دون تفكير أو مساءلة؟

في واقع الأمر، فإن الوطنية لا تعني الصمت، بل تعني الحرص.
الحرص على الصالح العام، على الموارد، على العدالة الاجتماعية، على الشفافية ، والنقد البنّاء، هو أحد أهم أدوات هذا الحرص.

من الطبيعي أن تُخطئ الحكومات، فهي تُدار من بشر، وتُنفذ سياسات قد تصيب أحيانًا وتخطئ أحيانًا أخرى.
ولكن عندما يُشير المواطن أو الكاتب إلى خطأ أو تقصير، لا يعني ذلك أنه “ضد الدولة”، بل يعني أنه حريص على أن تُعالج تلك الأخطاء قبل أن تتفاقم.

الناقد البنّاء لا يبحث عن الهدم، بل يسعى للإصلاح ، هو أشبه بالمرآة، تعكس الخلل حتى يمكن معالجته، وليس بالمطرقة التي تُهشّم كل شيء.

للأسف، نرى اليوم تراجعًا ملحوظًا في التفاعل مع المقالات أو المنشورات التي تتناول الأداء الحكومي بنظرة نقدية، وكأن الحديث عن سلبيات في قطاع معين أو سياسة محددة، أصبح من المحظورات.
وقد يتساءل البعض: “أين ذهب أصدقاء الصفحة؟ هل الحديث في هذا الاتجاه أصبح منبوذًا؟”

الحقيقة أن هذا النوع من التردد والخوف ليس في مصلحة أحد.
فالصمت عن الخطأ لا يُصححه، بل قد يجعله يتكرر.
وإضفاء القداسة على كل ما هو رسمي، لا يصنع وعيًا، بل يرسّخ الاستكانة والتسليم.

من المهم أن نُعيد صياغة بعض المفاهيم المغلوطة:
• النقد لا يعني خيانة.
• الانتماء لا يعني الموافقة الدائمة.
• الخلاف في الرأي لا يلغي الاحترام.
• طرح الأسئلة لا يعني التقليل من شأن أحد.

الوطن لا يُبنى فقط بالشعارات، بل بالمشاركة، بالوعي، وبالمحاسبة حين يلزم الأمر.
وكلما اتسعت دائرة الحوار الصريح، كلما اقتربنا من النضج الديمقراطي الحقيقي، الذي يسمح للجميع بالتعبير عن آرائهم دون تخوين أو تكميم.

في النهاية ليس عيبًا أن تنتقد أداء حكوميًا، ما دمت تفعل ذلك بموضوعية واحترام وسعي للإصلاح.
ولا تخف من قلة التفاعل أو نظرات الاستهجان، فربما تكون أنت الصوت الذي يحتاجه الآخرون ليُفكروا ويُعيدوا النظر.
ولا تنسَ أن كل خطوة نحو وعي أكبر، هي في الحقيقة خطوة في سبيل وطن أقوى . تحيا مصر يحيا الوطن.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock