حوار ورأي

من بورسعيد عيد الجلاء…بقلم/لواء دكتور/ سمير فرج

وفي اليوم التالي، أثناء عمله، جاءني صوت والدي، على الهاتف، قائلاً، “انبسط يا عم، جبتلك تصريح تحضر معايا!”، ففرحت فرحة لا تصفها الكلمات، وكباقي أهالي بورسعيد، لم أنم في تلك الليلة، ترقباً للاحتفال، في صباح اليوم التالي، الذي أعدت له والدتي ملابساً جديدة، وكأنه يوم العيد، وهو ما كان كذلك، في الحقيقة.

توجهت مع والدي للاحتفال مبكرين، ولمحت الدهشة على وجوه المدعوين، كوني الطفل الوحيد بينهم، واتخذنا مقاعدنا، التي لم تكن في الصفوف الأمامية، إلا أن موقعها سمح لي بمتابعة وصول الرئيس عبد الناصر، تحيطه سيارات الدفع الرباعي، التابعة للبوليس الحربي، ومتابعة حرارة الاستقبال من أهالي بورسعيد، الذي أحبه، كما أحبه كل شعب مصر والأمة العربية.

بدأت مراسم الاحتفال، بتسلّم الرئيس للعلم من قائد القوات البحرية، ثم رفعه بنفسه على الساري المثبت وسط سُرادق كبير، أُقيم أمام مدخل المبنى. أعقب ذلك إلقاء الرئيس عبد الناصر لخطابه الشهير، الذي لم نعلم حينها، أنه سيعقبه، بعد أسابيع قليلة، بالإعلان عن تأميم قناة السويس.

أتذكر أن من بين الحاضرين كان المشير عبد الحكيم عامر، واللواء حسين الشافعي، وعدد من قيادات الدولة، وأسر الشهداء. وانتهى الاحتفال الرسمي سريعاً، ليبدأ بعده عهداً جديداً، تخلو فيه شوارع بورسعيد والإسماعيلية وفايد من أي طيف لجندي إنجليزي. إلا أن الاحتفالات الشعبية استمرت في ذلك اليوم، دون توقف، فاحتفلت بورسعيد بطريقتها الخاصة، حيث عزفت فرق السمسميّة في كل الميادين.

مرت السنوات، والتحقت بالكلية الحربية، وبعد تخرّجي فيها، كنت ضمن القوات التي تم توزيعها على معسكرات فايد، التي كانت تابعة، سابقاً، للقوات البريطانية. فوجدت نادي ضباط القوات المسلحة في فايد، الذي كان هو نفسه نادي الضباط الإنجليز، إبان فترة الاحتلال، على حاله، إذا وجدنا بعض من متعلقاتهم فيه، وبدا أنهم ظنوا، أو آمنوا، بعودتهم، مرة أخرى، إلى مصر … وهو ما لم يحدث أبداً.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock