حوار ورأي

هل تفقد إيران حق الردع لصالح إسرائيل

كتب // وائل عباس
مخطىء من يظن أن إيران هى حاملة راية التحرير ورافعة لواء الجهاد نيابة عن المسلمين في العالم ؛ وأنها تسعى بكامل طاقاتها لتحرير المسجد الأقصى ودعم المجاهدين هناك ؛ وعلى رأسهم حركات المقاومة الفلسطينية وفى مقدمتها حركة ” حماس ” وحركة ” الجهاد الإسلامي ” وقادتها وأفرادها العسكريين .
لكن الحقيقة خلاف ما يبدو الأمر وعكس الواقع شكلا وموضوعا ؛ حقيقة الأمر هى حرب بين العرب والفرس ونزاع قديم لم يغيره الإسلام ولم تطويه الأيام والسنين ؛ حقيقة إن المتحكم في سياسات إيران ليست النزعة الدينية الإسلامية أو حتى المذهبية الشيعية التى يتخذونها هوية ومرجعا ؛ بل المتحكم هى النزعة الأستعمارية وحلم أعادة الأمبراطورية الفارسية وأمجادها التى تحطمت تحت سنابك خيل الإسلام .
من هنا فأن العدو الأول لمنظومة الحكم الإيرانية والتى تصبغ نفسها بالصبغة الدينية هم العرب وليست إسرائيل ؛ وقد تكون إسرائيل واقعيا هى الأقرب سياسيا وتجاريا ؛ ويدل على ذلك أتخاذ إيران لتحركات وتدابير من شأنها أسقاط الدول العربية وأنظمة حكمها وأستبدالها بميليشيات وأنظمة موالية لها ؛ وتحركات النظام الإيرانى فى العراق واليمن وسوريا ولبنان وحتى تجاه الأردن هى اكبر دليل على ذلك ؛ بل وعدائها مع النظام السعودى ومحاولة زرع الفتن لأسقاط وزعزعة أستقرار المملكة هو أحد الشواهد على ذلك ؛ كما أن دعم الشيعة في الأقطار العربية للقيام بالثورات هو دليل دامغ على ذلك ؛ ومملكة البحرين من أهم الدول التى عانت وأجهضت الكثير من هذه الثورات التى تكاد أن تكون مسلحة في بعض الأحيان لولا يقظة التدابير الأمنية هناك ؛ كما أن أحتلالها لجزر الإمارات هى أحد الشواهد على أن ما تسعى له إيران ليس إلا بسط النفوذ وفرض السيطرة على محيطها العربى المجاور ؛ أما تحرير فلسطين وأستعادة الأقصى هى دعاية شعبوية لرواية مغلوطة شكلا وموضوعا .
أدركت إيران أن القضية الفلسطينية هى أحد الأوراق الدولية الرابحة على جميع الأصعدة وكافة المستويات ؛ والتى تستطيع أن أستثمرتها الأستثمار الناجح أن تحقق لها الكثير من المكاسب المادية والثقل الدولى والألتفاف الجماهيرى على المستوى الأسلامى والعربى بصفة خاصة ؛ وهنا كانت نقطة الألتقاء والعامل المشترك والمصلحة التى جمعت قادة ” حماس ” وآيات الله فى إيران ؛ أستخدمت إيران تلك الورقة فى الفترة الأخيرة وبأتفاق ومصالح مشتركة مع القيادة الروسية على أنهاك الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها وتشتيت المجتمع الدولى عن الحرب الروسية الأوكرانية ؛ وذلك بأعادة أشعال الصراع العربى الإسرائيلى لأشغال التحالف الغربى عن دعم اوكرانيا وتخفيف الضغط الدولى عن الكرملين ؛ والذى صدروا للعالم صورة له على أنه المعتدى الأثيم والبلطجى المتبجح .
فكان الرد الروسى فى الشرق الأوسط بنفس الطريقة ؛ وهى أن تبدو إسرائيل وحلفائها وفى مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية بصورة المحتل والقاتل الأثم ؛ ومن هنا صدرت الأوامر لقادة حماس ببدء ما يسمى بطوفان ” الأقصى ” والذى لطالما ما تمنيت أن يكون جهادا خالصا لوجه الله ؛ فأكون بين الصفوف ملبيا ؛ لولا أنى أعلم تماما أنه ليس إلا تحرك سياسى لا يخدم القضية الفلسطينية بقدر ما يخدم أطراف أقليمية وقوى عظمى تتخذ من مناطق النزاع رقعة شطرنج لبسط النفوذ والسيطرة وأستنزاف الطرف الآخر ؛ ومباراة ما بين رد الفعل والفعل الأخر ؛ ولبت إيران نداء القيادة الروسية وأستخدمت ميليشياتها ونجحت في إشعال الحرب ؛ وظنت إيران أنها تستطيع أن تحقق كل المكاسب دون أى خسارة وبدون اى مسؤولية عما تفعله ميليشياتها ؛ وعند ضرب قنصليتها فى سوريا كان ردها أشبه بالمشهد الكوميدي الذى لا يناسب الأحداث ؛ صواريخ ومسيرات طائشة تم الأبلاغ عن مواعيد أنطلاقها وخط سيرها ليتم أسقاطها بمنتهى السهولة دون أن توقع أى ضرر يذكر ؛ لكن نتنياهو في إسرائيل هو الآخر له حسابات أخرى مفادها أن هذه الحرب لا بد أن تتسع رقعتها ويزداد سعيرها ؛ فهو معرض للمحاكمة فى حالة تركه سدة الحكم في إسرائيل ؛ كما أنه يجب أن يستجيب لليمين المتطرف الذى يدعم وجود وزارته وبقائه ؛ فكان الرد الإسرائيلي أشبه ب ” كش ملك ” فقد أغتالوا ” إسماعيل هنية ” قائد حماس خلال حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الجديد ؛ وذلك بعدما أغتالت إسرائيل الرئيس السابق بأسقاط طائرته ولم تحرك إيران ساكنا .
أن اغتيال هنية فى طهران رسالة قوية إلى حركة حماس
مفادها أنكم تستندون إلى حائط يميل بكم ؛ وفرع أعوج لا يستقيم لنفسه بدليل أغتيال رئيسه وعدم قدرتهم على توفير الحماية اللازمة له فكيف يكون هذا الحليف موثوق فيه ؛ وأيضا لإذلال إيران وقادتها وحرسها الثورى وقادتهم القائمين على نظام الحكم .
وإن كان المقصود والمستهدف هو اغتيال هنية فحسب … !!! لكانوا أغتالوه فى الدوحة وهو الأمر الأيسر والأسهل لهم .
وأضف إلى الشعر بيتا ف “أسماعيل هنية ” ليس هو المتحكم في سير مجريات الحرب على الأرض فى غزة ؛ بل ظهر واضحا جليا أثناء المعارك أنه لا يعدو مفاوضا فحسب ؛ فعندما قام ” يحيى السنوار ” أثناء المفاوضات بقطع اتصالاته بقادة حماس بالخارج وعلى رأسهم هنية وأفراد المكتب السياسي المفاوض أثناء سير عمليات المفاوضات لم يستطيعوا أن يحركوا ساكنا ولا أن يقدموا متأخرا .
خلاصة القول أن إيران وإسرائيل ما هم إلا أجنحة وأذرع طويلة لقوى عالمية ؛ وما العرب والقضية الفلسطينية وشعب غزة الذى يدفع ثمن مغامرات قادة حماس إلا حطب النار العالمية التى أستعرت وغلت مراجلها .
نسئل الله أن يحفظ غزة وأهلها ويمدهم بالمدد ويحفظ سائر أقطار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock