الإعلامي يسري الكاشف علامة مضيئة ومثال نادر للانتماء الحقيقي

بقلم : عبد الله معروف
متابعة : عادل شلبي
في زمن تراجع فيه حضور الرموز الفاعلة في العمل العام خارج حدود الوطن، يبرز اسم يسري الكاشف كعلامة مضيئة ومثال نادر للانتماء الحقيقي، والعمل التطوعي النزيه، والتمثيل المشرف للجالية المصرية والعربية في هولندا. لا يُمكن أن تُذكر الحركة المجتمعية في أوروبا، أو يُتداول الحديث عن المصريين بالخارج، دون أن يتردد اسمه مقرونًا بالثقة والمصداقية والالتزام. إنه ليس فقط ناشطًا أو إعلاميًا يحمل قضية، بل هو حالة خاصة من التفاني تُعطي للوطن معنى أكبر، وللغربة مضمونًا إنسانيًا يستحق الاحترام.
على مدار أكثر من عقدين من الزمن، لم يكن يسري الكاشف مجرد صوت إعلامي ينقل صورة أو يحرر مادة، بل كان حجر أساس في بناء مجتمع مصري مترابط داخل أرض المهجر. لم يبحث عن الأضواء، ولم يسعَ إلى مناصب شكلية، بل انطلق من مبدأ واضح: أن تكون قيمة الإنسان فيما يمنحه لغيره، لا فيما يكتسبه لنفسه. هذا الإيمان تجلّى في مبادرات ومشاريع ذات تأثير حقيقي، بدءًا من تنظيم الأنشطة الثقافية والاجتماعية والتعليمية في هولندا، وصولًا إلى تأسيس شبكة من العمل الإنساني تعزز من حضور الجالية وتحفظ هويتها وتدعم شبابها.
وقد كان حصوله على الوسام الملكي الهولندي بدرجة فارس وضمه كعضو بدرجة فارس داخل الأسرة الملكية الهولندية ” اورانيا ناسو ” يعد تتويجًا مستحقًا لهذه المسيرة الطويلة، وسام لم يُمنح له كتشريف شخصي، بل كاعتراف رسمي بما قدّمه من جهود فاعلة في خدمة المجتمع المتعدد الثقافات، وتأكيدًا على أن الإنسان حين يخلص في عطائه، يفرض احترامه على الجميع، مهما تباعدت اللغات وتنوعت الجنسيات.
وفي ظل تصاعد الحاجة إلى رموز تجمع ولا تُفرّق، تبني ولا تهدم، يظل يسري الكاشف نموذجًا يحتذى به، ليس فقط بصفته رئيسًا لاتحاد المصريين في هولندا، ولا رئيسًا للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في شمال أوروبا، بل كمثقف ملتزم بقضايا الإنسان، وناشط يؤمن بأن الرسالة الإعلامية ليست حيادًا باردًا، بل موقفًا أخلاقيًا ينبض بالحقيقة. ومن خلال رئاسته لمؤسسة دليلي للإعلام متعدد الثقافات التى تعد من المنابر الاولى للجالية العربية في هولندا التي تعمل لأكثر منذ ربع قرن من الزمان مبادرة جادة شملت مشاريع مستقبلية كاندماج الجالية ليكون لها دور فعال ومؤثر داخل المجتمع الهولندي، ودعواته لتطوير الإعلام العربي وتأسيس منصات متعددة اللغات تخاطب الغرب بصورة واقعية، تعكس وعيًا استراتيجيًا وحرصًا عميقًا على نقل صورة عادلة عن المواطن العربي في أوروبا.
إن الحديث عن يسري الكاشف ليس مجاملة عابرة ولا تعبيرًا عن شكر شخصي فحسب، بل هو توثيق لمسيرة رجل منح وقته وجهده وإخلاصه لفكرة تستحق أن تعيش: أن يكون للمصري في الخارج من يمثله بكرامة، ويدافع عن حقوقه بصدق، ويقوده في طريق الاندماج دون تفريط بالهوية. وفي زمن كثر فيه الادعاء، قلّ من يعمل بصمت، ويترك أثرًا. ويسري الكاشف هو أحد هؤلاء القلائل الذين يجعلونك تؤمن أن القيم لا تموت، وأن الوطن، وإن بَعُد، يظل حيًّا في قلب من لم ينسَ رسالته.